جافية كزة, حتى إذا صار إلى من لا يحسن أن يوقع عليه الصوت ويطرد له اللحن من غير حذاق المغنين، خرج أبرد كلام وأرذله وأسمجه، وجاء وما تعرف من الكلال والفتور والتهالك في كلام أكثر مما تعرف منه.
وبهذا الذي قدمناه يفسر قوله صلى الله عليه وسلم:"القرآن صعب مستصعب على من كرهه"؛ لأن كرهه لا يكون إلا زعمًا وتكلفًا من اللسان؛ فأيما امرؤ سمعه أو فهمه أحبه وسوغه من شعوره ونفسه؛ فمن أين تدخل الكراهة على النفس ولا سبيل إليها في الكلام إلى السمع والفؤاد؟
ولا يذهبن عنك أن الحروف لم تكن في القرآن على ما وصفنا بأنفسها دون حركاتها الصرفية والنحوية، وليست هذه الحركات إلا مظاهر الكلم فمن ههنا يستجر لنا القول في النوع الثاني من سر الإعجاز.