٢ تختلف ألفاظ الروايات التي وردت في هذا المعنى وما قبله زيادة ونقصانًا، ولكن مرجعها كلها إلى شيء واحد، وقد نزلت في الوليد بعد تفكيره وقوله في القرآن إنه سحر آيات في سورة المدثر، وهي قوله تعالى: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} إلى ما بعدها من السورة. فذلك نص في ثبوت القول، والثقول نص في ثبوت معناه، والمعنى في هذا الباب شاهد قاطع. ٣ رأينا لبعض علماء الأندلس كلمة حسنة تتم بتحصيلها الفائدة قال: إن أعظم المعجزات وأوضحها دلالة: القرآن الكريم؛ لأن الخوارق في الغالب مغايرة للوحي الذي يتلقاه النبي وتأتي به المعجزة شاهدة، والقرآن هو نفسه الوحي المدعى، وهو الخارق المعجز، فدلالته في عينه لا يفتقر إلى دليل أجنبي عنه، فهو أوضح دلالة، لاتحاد الدليل والمدلول فيه. وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "ما من نبي إلا وأوتي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر؛ وإنما كان الذي أوتيته وحيًا أوحي إلي، فأنا أرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة". يشير إلى أن المعجزة متى كانت بهذه المثابة في الوضوح وقوة الدلالة، وهو كونها نفس الوحي، كان المصدق لها أكثر. ا. هـ. قلنا: وهذا الحديث يجمع كل ما قدمناه من القول في إعجاز القرآن؛ لأنه وحي بمعانيه وألفاظه، فهو بائن بنفسه من الكلام الإنساني، ولا بد أن يكون فائدة للناس كافة ليعملوا، وصادقًا على الناس كافة ليستفيدوا، ومعجزًا للناس كافة ليصدقوا.