وكيف تغني في جواب القوم ما لا تغنيه الرسائل الطوال، حتى لتقطع الشهادة عليها قطعًا بما في نية صاحب الجواب من عزم أمره ووثاقة عقده، فكأنها صورة واضحة لما استقر في نفسه من كل ما عسى أن يرجعه جوابًا، وما عسى أن يتهيأ له في باب الحزم، وإنها لكلمة بمعركة!
ومن هذا الباب قوله صلى الله عليه وسلم:"من هم بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة، فإن عملها كتبت له عشرًا، ومن هم بسيئة ولم يعملها لم تكتب عليه فإن عملها كتبت عليه سيئة واحدة، ولا يهلك على الله إلا هالك" فتأمل هذا التذييل العجيب، فإنك لا تقضي منه عجبًا، ولن يعجز إنسان أن يهم بالخير، يفعله أو يفعله، وأن ينزع إلى الشر فيمسك عنه، فإن عجز حتى عن هذا فما فيه آدمية، ورحمة الله تنال الإنسان بأسباب من خيره، ومن شره إذا كان فيه الضمير الإنساني، وهذا في الغاية كما ترى.