وأما مشوبات العرب وهي التي شابهن الكفر والإسلام، فلنابغة بني جعدة، وكعب بن زهير، والقطامي، والحطيئة، والشماخ، وعمرو بن أحمر، وابن مقبل.
وأما الملحمات السبع فهي للفرزدق، وجرير، والأخطل، وعبيد الراعي، وذي الرمة، والكميت بن زيد، والطرماح بن حكيم.
قال المفضل: فهذه التسع والأربعون قصيدة هي عيون أشعار العرب في الجاهلية والإسلام "ص٣٥" وبعد أن ساق صاحب الجمهرة أخبارًا أخرى قال: هذا ما صحت به الرواية عن الشعراء وأخبارهم.
فقد خلص لنا مما تقدم أن حمادًا هو أول من اختار السبع الطوال وشهرها في الناس، وأن ابن الكلبي هو الذي ذكر خبر تعليقها على الكعبة، وهو قد علل ذلك بأن العرب ينظرونها في الموسم، ثم ينزلونها أو يبقونها، وأن من عدا ابن الكلبي ممن هم أوثق في رواية الشعر وأخباره لم يذكروا من ذلك شيئًا، بل جملة كلامهم ترمي إلى أن القصائد لم تخرج عن سبيل ما يختار من الشعر، وأن المتأخرين هم الذين بنوا على خبر التعليق ما ذكروه من أمر الكتابة بالذهب أو بمائه في الحرير أو في القباطي، وأن العرب بقيت تسجد لها ١٥٠ سنة حتى ظهر الإسلام، مع أن امرأ القيس لم يفته الإسلام بأكثر من مائة سنة، [وتسميتهم] لذلك المعلقات بالمذهبات، مع أنك رأيت في رواية المفضل أن المذهبات قصائد أخرى للأوس والخزرج، وذكر ابن رشيق في "العمدة" رواية أخرى في تسمية الطوال بالمعلقات، وهي أن الملك كان يقول إذا استجيدت قصيدة الشاعر: علقوا لنا هذه، لتكون في خزانته.
[*وليس ببعيد أن يكون ابن الكلبي، وهو من متأخري الرواة، قد رأى انصراف الناس عن شعر الجاهلية والتأدب به إلا فيما احتاجوا إليه من الشاهد والمثل، ولا يكاد ذلك يعدو أشعارًا معروفة متداولة في أيدي العلماء لمكانة الشعر الإسلامي يومئذ، وقد كثر فحوله وافتنوا فيه أيما افتتان، وذهبوا في البديع كل مذهب، فاختلق ابن الكلبي -أو غيره- خبر التعليق، ليصرف وجوه الناس إلى هذه القصائد، وهم يومئذ أكثر ممن قبلهم ولعا بمآثر الجاهلية، لعفاء الصبغة العربية من سياسة عصرهم كما يعرف الواقف على التاريخ. وليس يشك أحد أنه لولا هذا الخبر لما بقيت هذه القصائد متدارسة إلى اليوم، لا لشاهد منها ولا لمثل فيها، ولكن لوقوع اختيار العرب عليها] .
وعندنا أن الذي روى التعليق إنما أخذه من تعليق قريش للصحيفة، وذلك أنه لما فشا الإسلام وقوي المسلمون بحمزة وعمر، ائتمرت قريش في أن يكتبوا بينهم كتابًا يتعاقدون فيه على أن لا ينكحوا بني هاشم ولا يبيعوهم ولا يبتاعوا منهم شيئًا؛ فكتبوا بذلك صحيفة بخط منصور بن عكرمة، ثم علقوها في جوف الكعبة توكيدًا لذلك الأمر على أنفسهم.
* قلت: هذه الفقرة المحصورة بين العلامتين [] كانت في ورقة منفصلة. وليس بها إشارة تدل على موضعها في البحث، فآثرت إثباتها في هذا المكان.