الشعراء، وقد رووا أن بشار بن برد قال: ما قر بي قرار بعد أن سمعت بيت امرئ القيس حتى صنعت:
كأن مثار النقع فوق رءوسنا ... وأسيافنا، ليل تهاوى كواكبه
فقد اتبع الطريقة نفسها؛ وقالوا في بيته إنه لم يقع بعد بيت امرئ القيس في الترتيب أحسن منه؛ ولكن البيت الأول يفضله بأنه أورد التشبيه في حالتين مختلفتين، إذ قلوب الطير واحدة، ولكن التشبيه إنما وقع على حالتيها من الطراءة واليبوسة، وقد غفل عن ذلك بشار؛ وبالجملة فإن امرأ القيس وسط بين شعراء التشبيه؛ وإن كان قد أكثر منه واحتذى فيه فعل أبي دؤاد والمهلهل وغيرهما، إلا أن له طرقًا في هذا التشبيه هي من مبتكراته، وهي كل ما في يدنا من الأدلة على براعته وحسن تصرفه ورجحانه على غيره من متميزي الشعراء. وقد عدل المولدون عن تشبيهات الجاهلية إلى ما هو أليق بأزمانهم وأدنى شبهًا منها، ولكنهم مع ذلك لا يزال في مجموع أشعارهم موضع لبعض أبيات امرئ القيس، كقوله: سموت إليها..... وغيره، على أن أكثر شعراء الجاهلية قد خرجوا من هذا الباب، ولم يرض المولدون أن يقفوا عليه ولا وقفة الحجاب!