للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يبق للجور في أيامهم أثر ... إلا الذي في عيوب الغيد من حور

وقد قصر إمداحه عليه بعد أن مدح المتوكل بن المظفر وأقطعه المعتصم قرية بأحوازها لهذا البيت، وسنتكلم عن الشعراء الفلاسفة في موضع آخر.

ومما امتاز [به] القرن الخامس شيوع الأدب في النساء، حتى كانت مريم بنت أبي يعقوب الأنصاري التي اشتهرت بإشبيلية بعد الأربعمائة تدارس النساء الأدب "ص٤٩٣ ج٢:نفح الطيب".

وامتاز أيضًا باختراع الزجل كما امتاز القرن الرابع باختراع التوشيح، والذي اخترع الزجل هو الوزير أبو بكر بن قزمان، وكان ممن اشتمل عليهم المتوكل بن المظفر.

وفي آخر هذا القرن نكب ملوك الطوائف وانقرض ملكهم على يد يوسف بن تاشفين الملقب أمير المسلمين ولم يكن على شيء من الأدب العربي؛ ولذلك كان أكثر الشعراء في بر العدوة أيام نكبة ملوك الطوائف من الزعانفة وملحفي أهل الكدية، حتى إنه لما أخذ المعتمد إلى طنجة تعرض له أولئك الصعاليك وألحفوا في استجدائه، وكان هو أولى منهم بالكدية لولا أنه المعتمد الذي يقول في ذلك:

لولا الحياء وعزة لخمية ... طي الحشا ساواهم في المطلب

ومن مشاهيرهم الحصري الأعمى، وكانت له عادة سيئة من قبح الكدية وإفراط الإلحاف "ص٩٠: المعجب".

عصر الوزراء:

غير أن ملوك الطوائف قد تركوا له إرثًا من الأدب اتصل به بعضه بعد أن استوسق له الأمر، إذ خلفوا من الشعراء والكتاب كالوزراء بني القبطرنة من أهل بطليموس أبي كبر وأبي محمد وأبي الحسن، وذي الوزارتين أبي بكر محمد بن رحيم الشاعر، وأخيه الوزير أبي الحسين بن رحيم، والوزراء أبي بكر الطائي، وأبي الحسن جعفر بن الحاج، وأبي محمد بن القاسم، وأبي عامر بن أرقم، وأبي جعفر بن مسعدة، وأبي محمد بن [ ... ] ، وأبي القاسم بن السقاط، وأبي عبد الله بن أبي الخصال، وأبي الحسين بن سراج، وأبي القاسم بن الجد، وأبي محمد بن مالك، وعبد الله بن سماك، وعبد الحق بن عطية، وعبد الحسن بن أضحى، والكاتب أبي عبد الله اللوشي؛ [....] وأبي الحسن بن زنباع، وأبي محمد بن سارة، ويحيى بن تقي، وأبي الحسن غلام البكري، وأبي القاسم المتنبي، وأبي الحسن بن [....] وأبي عبد الله محمد بن عائشة، وأبي عامر بن عقال، وعبد المعطي بن مجد، وغيرهم، وما منهم إلا علم في دولة القلم.

وهذا القرن الخامس يصح أن [يلقب] بزمن الوزراء؛ لأنهم كثروا فيه كثرة لم تكن فيما قبله ولم تعهد فيما بعده، وإنما كانوا يستوزرون لأدبهم من الكتابة والشعر -وبذلك عرفوا- فكأن الوزارة كانت كالشعر منافسة، ثم كانوا يوزعون عليهم الخطط كالمظالم والأحكام [والإنشاء] وغيرها.

وربما يتهادى الوزير الواحد ملوك عدة؛ ولذهاب هؤلاء الوزراء بجيد الشعر قل في زمنهم من

<<  <  ج: ص:  >  >>