عصره وحكيمه المتوفى سنة ٥٣٥هـ وأمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت، وقد مر ذكره، وأبو بكر بن زهر الطبيب المتوفى سنة ٥٩٥هـ، وقد كاد هذا الرجل يكون تاريخ القرن السادس كله؛ لأنه ولد سنة ٥٠٧هـ؛ وهو مع طبه اللغوي الأديب الذي امتاز بالموشحات الطائرة بين المغرب والمشرق، وله أخت كانت هي وبنتها نابغتين في الطب، وأبو الحكم المغربي المتبحر في الفلسفة والأدب، وقد مر ذكره في الشعراء الفلاسفة، وتوفي سنة ٥٤٩هـ، وإن الواحد من هؤلاء ليكفي أن يكون فخر أمة، فكيف بهم مجتمعين في قرن من الزمن؟
وقد كان لكل منهم تلامذة جلة، ولم تنجب الأندلس بعدهم من يضاهيهم إلا أفرادًا قليلين، كمحمد بن الحسن المذحجي، وابن عياش الزهراوي ومطرف الأشبيلي في القرن السابع.
على أن من الأندلسيين أفرادًا آخرين اشتهروا بفنون أخرى كالنبات والفلاحة وخواص العقاقير والسموم وعلم الحيوان وغيرها فضلًا عمن نبغوا من أصحاب المنطق والموسيقى، ومن كانوا هناك من أئمة الفنون ومهرة الصناعات، فلم نر أن نصلهم بهذا الفصل؛ إذ استقصاء ذلك كله مما [يقتضي كتبًا] برأسه، وهو فرع إن كان مهما في بسط تاريخ الحضارة فليس كذلك في تاريخ الأدب.