لم يستظهر أحد في زمانه من اللغة ما استظهره، آية تتلى ومثالًا يضرب، وقد امتاز عن سائرهم بأنه كان يعرب أبدًا كلامه.
وأبو محمد اللوشي البارع في الأدب والنحو واللغة والكتابة والشعر والخطابة، وقد أخذ أدباء عصرهم عن الثلاثة الذين مر ذكرهم، وتوفي سنة ٥١٨هـ.
وأبو محمد البطليوسي المتبحر في اللغات والآداب، وله يد في العلوم القديمة، وهو شارح "أدب الكاتب" لابن قتيبة، وكتابه "الاقتضاب" مشهور، توفي سنة ٥٣١هـ، وقد رأينا في "بغية الوعاة" للسيوطي في ترجمة أبي العباس ابن بلال اللغوي المتوفى سنة ٤٦٠هـ أن ابن خلصة النحوي نسب إليه شرح "أدب الكاتب" المسمى "الاقتضاب"، وذكر أن ابن السيد البطليوسي أغار عليه وانتحله "ص١٧٥" وهذا عجيب، والله أعلم بحقيقته.
وجعفر بن محمد بن مكي، وكان عالمًا باللغات والآداب، ذاكرًا لهما، معتنيًا بما قبله منهما، ضابطًا لذلك، وعني بهما العناية التامة، وجمع من ذلك كتبًا كثيرة كان له بها اليد الطولى الباسطة في علم اللسان.
وأبو الحسين بن الطراوة، نحوي ماهر وأديب بارع، يقرض الشعر وينشئ الرسائل البليغة، وله آراء في النحو تفرد بها وخالف فيها جمهور النحاة، وعلى الجملة كان مبرزًا في علوم اللسان كلها، وتوفي سنة ٥٢٨هـ عن سن عالية.
ومحمد بن يوسف المعروف بابن الاشتراكواني، المتوفى سنة ٥٣٨هـ، كان لغويا أديبًا شاعرًا معتمدًا في الأدب فردًا في وقته، وهو صاحب "المقامات اللزومية" الشهيرة -وسيأتي ذكرها في موضعها- وقد اعتمد عليه أبو العباس بن مضاء في تفسير "كامل" المبرد لرسوخه في اللغة العربية.
والوزير ابن أبي الخصال "سنة ٤٦٥-٥٤٠هـ" وكان على براعته في الفقه وصناعة الحديث والمعرفة برجاله والتقييد لغريبه، فردًا في اللغة والأدب والنسب والتاريخ، إمامًا متفقًا عليه، متحاكمًا إليه في الكتابة والشعر، لم يكن في عصره مثله، حتى قال بعضهم إنه كان آخر رجال الأندلس علمًا وفهمًا وذكاء وتفننًا في العلوم.
ومحمد بن أحمد أبو عامر الوزير الكاتب، كان لغويا أديبا شاعرًا عارفًا بالتاريخ والأخبار، وهو من المؤلفين في ذلك كله، وكان موجودا بعد سنة ٥٥٠هـ.
وأبو العباس الجراوي المالقي المتوفى سنة ٥٦١هـ، وكان على بلاغته في الشعر والكتابة من كبار النحاة والأدباء بالأندلس، درس هذين الفنين كثيرًا وأدب في آخر أيامه لبني عبد المؤمن بمراكش.
وأبو بكر بن قبلال الأديب اللغوي الكاتب الشاعر النحوي الطبيب توفي سنة ٥٧٣هـ.
وأبو بكر الأشبيلي المعروف بالخدب أستاذ ابن خروف قريبًا من سنة ٥٨٠هـ، وكان من حذاق النحويين وأئمة المتأخرين، يرحل إليه في العربية، واشتهر بكتاب سيبويه وطرره المدونة عليه. والخدب: الرجل الطويل.