للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه إلى آخر سنة ٧٦٠هـ وذكره صاحب "كشف الظنون" وقال: إنه جمع فيه أعيان كل فن. ولا نعرف للمائة التاسعة كتبًا مفردة إلى أن وضع كتاب "سلافة العصر"؛ ووضع الخفاجي كتابه "ريحانة الألبّاء"؛ ووضع المحبي "نفحة الريحانة وخلاصة الأثر"، وكلها تترجم أدباء القرنين العاشر والحادي عشر؛ ثم وضع المرادي "سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر"، وهو ذيل على الخلاصة, وقد وضعت كتب أخرى مقصورة على بعض الأمصار، ككتاب "الأنموذج" لابن رشيق جمع فيه شعراء القيروان والكتب التي صنفها الأندلسيون وهي أبلغ ما كتب من نوعها، وسنذكرها في بحث الأدب الأندلسي إن شاء الله؛ لأنها مقصورة عليهم لم تتناول غيرهم؛ وكذلك صنفوا كتبًا على الأسماء كـ"كتاب من نسب إلى أمه من الشعراء" لأبي هاشم السجستاني؛ وكتاب "الموشح في أسماء الشعراء" لغلام ثعلب المتوفى سنة ٣٤٥هـ؛ وكتاب "المختلف والمؤتلف في أسماء الشعراء" لحسن بن بشر الآمدي المتوفى سنة ٧٣١هـ.

ومما يذكر في هذا الموضع ما يستوفيه المؤرخون في الكتب الخاصة ببعض البلاد، إذ يستوعبون شعراء البلد الذي يؤرخونه بما لا يوجد في غير تلك الكتب، كـ"كتاب بغداد" لابن أبي طاهر، وقد وجد منه جزء واحد، وهو غير "تاريخ بغداد" للخطيب البغدادي المتوفى سنة ٤٦٣هـ، و"كتاب أصبهان" لأبي عبد الله حمزة بن الحسين الأصبهاني، فقد ذكر فيه شعراء أصبهان والكرخ وساق عيون أشعارهم وملح أخبارهم "ص١٢٥ ج٣: يتيمة الدهر".

وغير ذلك مما يكون في المعجمات المطولة، وهي كثيرة، أعجب ما وقفنا عليه من أسمائها كتاب "مجمع الآداب في معجم الأسماء والألقاب" لابن القوطي البغدادي المتوفى سنة ٧٢٣هـ ذكروا أنه في خمسين مجلدًا "ص٣٨١ ج ٢: كشف الظنون".

كتب المختارات:

وهي الكتب التي وضعت لانتقاء عيون الشعر أولًا، ثم دخلتها صناعة التبويب بعد ذلك، وقد أطنبوا في صعوبة الاختيار [المرضي] الذي يؤاتي الأذواق على رغائبها، ويتابع النفوس بمطالبها، حتى قالوا: دل على عاقل اختياره، واختيار الرجل من وفور عقله. وقالوا: شعر الرجل قطعة من كلامه، وظنة قطعة من علمه، واختياره قطعة من عقله؛ وحتى أنكروا فيه معارضة المختارات المجمع عليها والأخذ في سبيلها، كما أنكر محمد بن سعيد الكاتب في القرن الرابع على محمد بن علي العجلي تأليفه كتابًا في الحماسة وأعظم ذلك حتى رد عليه أبو الحسين بن فارس علامة همذان وأستاذ بديع الزمان برسالة أورد الثعالبي منها فصلًا "ص٢١٥ ج٣: يتيمة الدهر".

ليس ذلك على أن الاختيار في نفسه محظور على أكثر الناس، ولا هو صناعة من الصناعات القائمة بنفسها فيكون للعقل فيه عمل يلزمه التبعة ويأخذه بالعهد، ولكن الشعر من عمل القرائح، وهي متفاوتة، فالاختيار منه لا يحسن إلا من ذي قريحة تشعر، ثم يكون له من البصر بالنقد ما يكشف له مواضع هذا التفاوت، حتى تكون قريحته التي تختار كأنها مجموع القرائح التي نظمت؛ وليس من شاعر سمت به طبيعته إلا وهو يتوهم في نفسه أنواعًا من القول قد لا يسمح بها الطبع إلا الفينة بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>