للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بويه، وذلك لم يتهيأ لكتاب في الشعر غير الحماسة.

مختارات أخرى:

ولا سبيل إلى حصر المختارات؛ لأن التاريخ العربي ترك إلى اليوم شعرًا كثيرًا جدا، لا يقل المأثور عنه في الدواوين وغيرها عن بضعة ملايين من الأبيات، وقد أتت روايات كثيرة بما لا يصدق عن استطالة الشعر الجاهلي وحده، فكيف بغيره مما نظم ليدون واستغرق نظمه ثلاثة عشر قرنًا؟ ولكنا نعين أشهر كتب المختارات، ثم لا نعدو في ذلك كتب المتقدمين من أئمة الأدب؛ لأن المتأخرين قد ابتذلوا هذا النوع وقصروه على حظ أنفسهم من الحفظ، ويسمون ما يجمعونه من ذلك بالتذكرة أو المجموع، ومن أشهرها "تذكرة الصفدي"؛ وهي في عدة مجلدات لا يزال بعضها في مكاتب الآستانة، ويقال إن فيها دواوين برمتها.

فمن أشهر تلك الكتب، "منتهى الطلب من أشعار العرب"، لمحمد بن المبارك بن الميمون البغدادي. وهو كتاب يشتمل على أكثر من ألف قصيدة خلا المقاطيع، قال صاحب "كشف الظنون": وعدة ما فيه أربعون ألف بيت. وديوان المعاني للعسكري، وهو ديوان ضخم رتبه على اثني عشر بابًا وجمعه من شعر الشعراء إلى زمنه، وقد أحسن الاختيار في كثير منه، ولا يقل فيه عن عشرة آلاف بيت. وكتاب "مختارات شعراء العرب" لابن الشجري المتوفى سنة ٥٤٢هـ جمع فيه خمسين قصيدة وقسمه ثلاثة أقسام: جعل في القسم الأول ١٢ قصيدة لشعراء مختلفين، وفي الثاني ٢٥، منها ٧ لزهير، و٦ لبشر بن أبي خازم، و١٢ لعبيد بن الأبرص، قال: وهي مختار شعره ومعظمه ... ولا يذهبن عنك ذكرناه عن شعر عبيد في الكلام عن المقلين؛ والقسم الثالث مختار أشعار الحطيئة وأخباره، وهو ١٣ قصيدة غير المقاطيع، وكل هذه الكتب موجودة في المكتبة الخديوية، ولابن الشجري هذا كتاب الأمالي على نحو "الأمالي" المعروفة ذكر ابن خلكان أنه في ٨٤ مجلدًا.

وكان للصاحب بن عباد كتاب سماه "سفينة الملح"، فكلما أنشد شعرًا جيدًا وقرأ أبياتًا رائعة أثبتها فيه، على كثرة ما يتهيأ له من ذلك "ص٢٠٧ ج٣: يتيمة الدهر" وأعجب من هذا الكتاب المرزمة لابن سعيد المغربي في القرن السابع؛ قال صاحب "نفح الطيب": إنه وقر بعير من الرزم والكراريس وفيه شعر وأدب كثير. ومن هذا النوع كتاب "زاملة النتف" لأحمد بن محمد البغوي الكاتب، من رجال "اليتيمة"؛ قال الثعالبي: إنه يشتمل على محاسن الأخبار والأشعار، ولطائف الآداب، ويقع في ثلاثين مجلدة بخطه "ص٦٩ ج٣: اليتيمة"؛ هذا إلى كثير من أمثاله مما لا فائدة في استقصائه؛ لأن أكثره عندنا كأسماء الأموات لا حقيقة لها، وإنما ذكرنا بعضه دلالة على سائره، وتوفية لفائدة هذا البحث.

<<  <  ج: ص:  >  >>