لسنة ١٢٧٦هـ، ويستخرج منها تواريخ كثيرة جدا لتلك السنة، ويتولد منها قصيدة ثانية يستخرج منها نفس التاريخ، في عدد كثير، وعدة أبيات القصيدة "الأم" ستة وثلاثون بيتًا، والمولدة منها ثمانية عشر، فيخرج من كل بيتين من الأولى بيت من الثانية، ومطلع الأولى:
خير حام مجد مجير العبيد ... حاط خير الجرى لعبد المجيد
حاطه عن عثار جعد برجف ... منتج جحد عرف ربق العهود
ومن هذين يستخرج مطلع المولدة وهو:
خير حام مجير عبد المجيد ... عن عثار برجف جحد عهود
فكل شطر برمته تاريخ، ومهمل كل شطر مع مهمل غيره أو معجمه تاريخ، وكذا معجم كل شطر مع معجم غيره أو مهمله تاريخ، وقس على ذلك اعتبار القصيدة بعضها ببعض مما يكون خيرًا منه للشاعر أن يشتغل في "مصلحة الإحصاء".
فإن هذا كما يقول الصاحب في قول المتنبي:
أحاد أم سداس في أحاد ... لييلتنا المنوطة بالتنادي
إنه من عنوان قصائده التي تحير الأفهام وتفوت الأوهام وتجمع من الحساب ما لا يدرك بالأرتيماطيقي.
وقد يظن أن المتأخرين هم الذين انفردوا بالتفنن في التاريخ الشعري على النحو الذي سلف، وهم أهل لذلك في كثير، ولكن هناك عجيبة أخرى، وهي قصيدة لعبد القادر بن محمد الحسيني الطبري من أدباء الجيلين العاشر والحادي عشر، وهي تسعة عشر بيتًا يستخرج منها سبعة أبيات تكون تواريخ لسنة ٩٩٨هـ بطريقة لم أر مثلها للمتأخرين على كثرة ما تكلفوا من ذلك؛ أما القصيدة فهي مدح الحسن بن أبي نمي بن بركات. قال ناظمها -بعد أن أوردها في كتابه المسمى "عيون المسائل من أعيان الرسائل""ص٣٨" المطبوع بمصر: وطريقة استخراج تلك التواريخ بضم الأحرف التي هي أوائل الأبيات مرة، وبضم الأحرف التي هي أوائل بعض الأجزاء "أي: التفاعيل" مرة أخرى، وقد شرحها صاحبها في كتابه فتلتمس هناك.
ثم نظم على هذه الطريقة شهاب الدين أحمد بن الفضل بن محمد المكي من أدباء القرن الحادي عشر، ولكن قصيدته تستخرج منها تسعة تواريخ، وقد ذكرها ابن معصوم في "السلافة""ص٢٠٤" وذكر أبيات التواريخ التي تستخرج منها، وقال هناك: إنه مني بعد نظمها لشدة الفكر بعملها وبقي مرتهنًا بها أربعة أهلة، وأن علماء عصره قد قرظوا عليها؛ ثم ذكر منهم عبد القادر الطبري صاحب القصيدة الأولى "وانظر السلافة أيضًا ص١٨٧".