الأرقام تماثل صورة المحمل بين العلمين؛ ومثله "علم بين محملين" لسنة ٨٩٨هـ.
ومن عجيب هذا النوع قول بعضهم يؤرخ وفاة بعض العلماء سنة ٨٨٨ وهو "انقلب محراب الديانة والدين والزهد" والمراد حروف الدال في هذه الكلمات، والدال كما لا يخفى ترسم هكذا "د" فإذا انقلبت الدالات الثلاث، صارت هكذا "٨٨٨" وهو عدد السنة المؤرخ بها، وهذا النوع قل أن يتفق في المنظوم إلا بتكلف سمج.
ومن أنواع التاريخ المقابلة، وهو أن يقابل حساب جمل الشيء المؤرخ اسمًا أو نعتًا أو نحوهما بجمل جملة مناسبة للحال مع التصريح بالمقابلة، كما يقال في تاريخ مولود اسمه ضياء "تاريخه مقابل لاسمه" أي: سنة ٨١٢هـ.
وبقيت أنواع أخرى قليلة لا طائل تحتها بل هي من التفنن المرذول، وقد استعمل التاريخ في بديعية الشيخ عبد الغني النابلسي؛ ثم جاء تلميذه الشيخ شاكر النحلاوي ويقولون إنه ابتكر في التاريخ طريقة جديدة، وهي جعل كل شطرة من القصيدة تاريخًا، وأنه نظم في ذلك قصيدة في مدح أستاذه تواريخها لسنة ١١٣٦هـ.
ولكن صاحب "الشقائق النعمانية" ذكر في ترجمة المولى الشهير بابن الشيخ الشبستري "ص٦٠ ج٢" وقد اشتهر بهذه الكنية ولم يعرف اسمه، أنه نظم قصيدة فارسية في ستين بيتًا مصراع كل بيت تاريخ لسنة ٩٢٦، والقصيدة تهنئة بجلوس السلطان سليمان بن السلطان سليم، وكان المصراع الأخير تاريخًا لفتح قلعة رودس؛ وهذا الأديب نفسه صنف أيضًا بالفارسية رسالة في المعمى وجعل أمثلة قواعده كلها على اسم السلطان سليم خان ا. هـ.
فيكون النحلاوي ناقلًا لا مخترعًا وإن كان أول من أدخل ذلك في النظم العربي.
ثم اخترع بعده الشيخ أحمد البدير الشاعر طريقة المعجم والمهمل، فأرخ وفاة الأمير منصور الشهابي سنة ١١٨٨هـ في بيت حروفه المهملة تاريخ وحروفه المعجمة كذلك.
وتفنن المتأخرون بعد ذلك فجمعوا في البيت الواحد تاريخين متفقين أو مختلفين من الهجري والميلادي، وثلاثة وأربعة أيضًا، ووضعوا طريقة يجتمع بها في بيتين ثمانية وعشرون تاريخًا، وذلك أن تنصف السنة المؤرخ بها، ولا بد أن تكون زوجًا ليكون لها نصف صحيح، ويجعل كل شطر من الأبيات نصفين يكون مجموع جمل معجمه نصفًا ومجموع المهمل نصفًا آخر، فيكون [في] كل شطر من البيتين تاريخ، ويضم معجمه أو مهمله إلى معجم أي شطر أو مهمله، يخرج بقية العدد.
وقد زاد أدباء الترك في هذه الطريقة أن يكون كل شطر مهمله في الحساب على آحاد وعشرات ومئين، وكذلك معجمه، فيؤخذ أي عدد من هذه الأعداد ويضم له ما عدا مماثله من أي شطر بعده، فيكون المجموع تاريخًا، وبهذه الطريقة تضمن الأبيات القليلة كثيرًا من التواريخ، وذلك لعمري هو العناء الناصب والعلم الكاذب، وما لا ينبغي أن يكون له طائل ولا طالب.
وههنا غريبة في التاريخ، وهي القصيدة التي نظمها الشيخ محمد قيادو التونسي، وهي مؤرخة