للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عدم القياس: القياس هو رد الشيء إلى نظيره، وقد روي عن الخليل وسيبويه قولهما «ما قيس على كلام العرب فهو من كلامهم»، وقد أجاز مجمع اللغة العربية بالقاهرة الأخذ بمبدأ القياس، ثم أطلقه ليشمل ما قيس من قبلُ وما لم يُقَس، وقد قسم ابن جني كلام العرب من حيث الاطراد والشذوذ إلى: (١) مطرد في القياس والاستعمال جميعًا، مثل: قام زيد، ضربت زيد، مررت بسعيد. (٢) مطرد في القياس شاذ في الاستعمال: مثل الماضي من «يذر» و «يدع». (٣) مطرد في الاستعمال شاذ في القياس: مثل: استصوبت الأمر، ولا يقال استصبت، ومثل: استحوذ، واستنوق الجمل، واستفيل الجمل واستتيست الشاة. وهذا الضرب من الكلام لا بد من اتباع السمع الوارد به فيه نفسه، لكنه لا يتخذ أصلًا يقاس عليه غيره. (٤) شاذ في القياس والاستعمال جميعًا: كتتميم مفعول فيما عينه واو، مثل: ثوب مصوون، ومسك مدووف، وحكى البغداديون: فرس مقوود ورجل معوود من مرضه، (١) وقد أحسن ابن جني إذ لم يخطِّئ إلا ما شذ في القياس والسماع معًا.

عدم ورود اللفظة في المعاجم: وهو معيار فيه مجازفة أيضًا لأن المعاجم لم تحط بكل ما قالته العرب. يقول أمين ظاهر خير الله في كتابه «الرأي الحاسم في الكلام الذي خلت منه المعاجم» (المطبعة العلمية، بيروت، ١٩٣٢): «هذا جانب صغير مما أغفلت المعاجم ذكره، ولو اتسع لي المقام لجئت بمئات من الأفعال والأسماء وردتْ في كلام أمراء الشعر والنثر ولم يرد الجلاء عنها في المعاجم.» (٢)

الاستناد إلى اللغة الأفصح: ويعنون بالأفصح دائمًا المأثور السائر الرائج بين الفصحاء، ولكن «الغريب» و «الشاذ» و «القليل» و «النادر» جزء من ثروة اللغة، ولا خلاف في كونه من أسلم كلام العرب، فقد ورد في القرآن والحديث وشعر العرب ونثرهم، وقد تكون ندرته منسوبة إلى زمانٍ معين أو مكان معين، كما أن الحكم بالشذوذ والندرة والقلة فيه مجازفة لأنه يستدعي قراءة التراث كله، وما نحكم عليه بالشذوذ قد لا يكون كذلك لو وصل إلينا كل ما قالته العرب. وقد كان البصريون يبنون قواعدهم على الغالب الأعم من اللغة ويئوِّلون ما يرونه شاذًّا أو نادرًا أو قليلًا، بينما كان


(١) لمزيد من التفصيل انظر: موسوعة اللحن في اللغة - مظاهره ومقاييسه، للدكتور عبد الفتاح سليم، مكتبة الآداب، القاهرة، ط ٢، ٢٠٠٦، ص ١٤ - ٢٦.
(٢) د. إميل بديع يعقوب: من قضايا النحو واللغة، الدار العربية للموسوعات، ٢٠٠٩، ١٦٥ - ١٦٦.

<<  <   >  >>