للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معناه الحرفي تمامًا، على أن خاصة التواضع فيه تحول دون الخلاف حوله ومن هنا قال القدماء: «لا مشاحة (١) في المصطلح.»

تحتاج إلى الشرح ولو كانت عربية.

عالمية مشاع بين الأمم على اختلاف لغاتها.

اصطناعية بالأساس، ولا شأن لها بالوساد اللغوي الطبيعي الذي يحتويها.

من الممكن إذن، إذا فشلت الترجمة والتوليد والنحت، أن نعرِّب المصطلح، أي نجعله عربيًّا بإخضاعه لمقتضيات العربية الصوتية والصرفية، ومن الممكن حتى إبقاؤه باللغة التي وضع بها حتى يتم (أو لا يتم) الاتفاق على مقابل له بالعربية، فلا حياة للمصطلح بدون استعماله، والمصطلح أيًّا كانت لغته ليس هو جوهر المشكلة وإنما المشكلة هي اللغة من حيث هي وسيلة الطالب في التلقِّي والاستيعاب والتعبير، بل وفي التفكير والتصور، والنص العلمي ليس مجموعة من المصطلحات بل هو وصف وشرح وعرض وتحليل تتخللها المصطلحات، ولسنا في هذا الأمر بدعًا بين الأمم؛ فإن روسيا تأخذ المصطلحات الغربية وتكتبها بحروف سلافية، والصين تأخذ مصطلحات الفريقين وتكتبها بحروف صينية، ولا ننس أن أسلافنا العرب في العصر العباسي عند بدء تعريبهم العلوم اليونانية القديمة استعلموا الكثير من المصطلحات اليونانية كما هي فقالوا: قاطيغورياس، إيساغوجي، طوبيقا، أنالوطيقا، أريتيميتي، الدوسانتر، المالينخوليا، الديابيطس … إلخ. لم يكن السلف في صعودهم يعانون عقدة النقاوة اللغوية؛ فأقبلوا بثقة على تعريب المصطلحات التي تعذرت ترجمتها بمقابلٍ عربي دقيق من السريانية والإغريقية والفارسية. ومن المعلوم أن ابن سينا قد عرَّب ثلث المصطلحات التي استخدمها في الفلسفة والطب.

للأستاذ محمد علي زيد، الرئيس السابق لشعبة الترجمة العربية باليونسكو، خبرة خاصة بهذه المسألة يليق بنا أن نفيد منها. يقول سيادته: «ومن تجربتي في الترجمة على مدى أكثر من أربعين عامًا، أسجل هنا أن الترجمة الدقيقة تقتضي من المترجم في أحوالٍ كثرة أن يتبنى اللفظ الأجنبي بحروف عربية، وإلا اضطر إلى مقابلة اللفظ الواحد


(١) في التعريب والتغريب، ص ٣٠ - ٣١.

<<  <   >  >>