للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اليوم، وبهذا تستبدل العربية بضمورها نماءً، وزيادة، على أنها ستنمو نموًا داخليًّا ذاتيًّا بمواد من كيانها لا بمعربات من غيرها، ولا منحوتات مصطنعة من كلمها. (١)

من النتائج التي رتبها العلايلي على ما قال إنه معقول العربي ووجهته في السير بلغته، والتي يرى أن علينا نحن أن نتابع تحقيقها لنصل بالعربية إلى الاستقرار والاستكمال والتخلص من ظواهر الفوضى والاضطراب:

اختلاف أبواب الفعل الثلاثي مثل من عدم الاستقرار، ويظن العلايلي أن العربي قصد طرد الأفعال المضارعة على الكسر دون تخلف، فالماضي يكون على وزن «فعل» - بفتح العين مطلقًا، إلا لحاجة معنوية فينقل قياسًا إلى بابي «طرب» و «كرم»، وهذا في غير الحلقي فيكون من باب «فتح» مطلقًا؛ وعليه فكل ماض بالفتح مطلقًا، وكل مضارع بالكسر مطلقًا، وكل حلقي بفتحتها مطلقًا، وكل اشتقاق مستقبل يلزم هذا السبيل وينطرد عليه، على أنه لا يخرق بهذا حرمة النص، بل يتقيد بما مضت به المعاجم إذا كان محل وفاق، فإن اختلفت فيه فالراجح الكسر (مقدمة لدرس لغة العرب).

المصادر من الثلاثي بقيت قلقة كذلك، وكذلك الجموع لم تستقر إلا في قلة من الكلمات، غير أن العربي أخذ بصورة جدية لإقرارها.

لم تتحدد للصيغة دلالة على اطراد، فتحمل الكلمة معنيين أو معنًى مؤلفًا مما تقيده الصيغة والمادة التي منها الاشتقاق، على أن العربية مع كل ما ترى فيها من فوضى هذه الناحية لا ينكر أنها أخذت في سيطرة الاشتقاق وغلبته بهذا النحو، وبقاء الموازين على فوضاها لا يتناسب مع المفاهيم العلمية الدقيقة، التي تضطرنا لأن نجعل دلالة لازمة أبدًا للهيئة الميزانية، ومن ثم لا يكون عناء الوضع كبيرًا، كما ترتسم للميزان أيضًا صورة عند السامع، تكون على مقدار من المعنى. فعلى الواضع الجديد أن يتوفر على تخصيص الموازين بما يقارب أن يكون جامعًا لشتى المشتقات عليها. (٢)

تلك مجرد شواهد على أن محاولة فهم التطور اللغوي للعربية تنتهي بالباحثين إلى نتائج بعيدة وهامة، وأنه لا سبيل إلى رد الحياة على العربية وتيسير النماء الحي لها إلا


(١) المصدر السابق، ص ١٠٠ - ١٠١.
(٢) المصدر السابق، ص ١٠٥ - ١٠٦.

<<  <   >  >>