(٢) يقول أفلاطون إن هذه الكيفية التي يتم صنع الآلة وفقًا لها نجدها أيضًا في الأسماء، فمطلق الأسماء أو المشرع يستخدم الحروف والمقاطع التي هي المادة التي تتكون أو تتركب منها الأسماء، ويضع أو يطلق كل الأسماء في ضوء الاسم المثالي، إذا كان يريد أن يكون مطلقًا للأسماء بالمعنى الحقيقي. يكون إطلاق الأسماء صحيحًا سواء استخدم المشرع الحروف والمقاطع، بحسب اللغة اليونانية أو بحسب اللغات غير اليونانية الأخرى، ما دام الاسم يعطي الصورة الحقيقية والصحيحة. ولكن ما هي صفات الاسم المثالي الذي يطلق المشرع الأسماء في ضوئه وبالنظر إليه؟ إن هذا الاسم هو الذي تتحقق فيه كل صفات الاسم في صورتها الكاملة، وهو الذي يحقق الغرض منه على أكمل وجه أيضًا، فإذا عرفنا هذه الصفات أو الشروط وراعيناها ونحن نطلق الأسماء على الأشياء، كان إطلاقنا للأسماء عندئذٍ صائبًا وملائمًا. تكون التسمية صائبة إذا كانت تعبر عن طبيعة مسماها تعبيرًا تامًّا، وهو عمل تخصصي دقيق، يقوم به عالم التأصيل المعجمي (التأثيل)؛ إذ يرد الأسماء إلى أصولها ويعرف معانيها رغم ما قد يكون جرى على الاسم من تغييرات مختلفة، وهو في ذلك كالطبيب الذي يستطيع تمييز الدواء ومعرفته ولو كانت له مظاهر مختلفة … حاول أفلاطون وضع نظرية في صواب الأسماء يمكن تسميتها «نظرية المحاكاة الطبيعية»، فهو يحلل المركب إلى أجزائه حتى يصل إلى الأجزاء الأولية، فيحلل الكلام إلى جمل وعبارات، ونحلل العبارات إلى أسماء، والأسماء إلى أسماء أبسط، وهكذا نتابع التحليل إلى أن نصل إلى أسماء يقف عندها التحليل، وتكون هذه عناصر لكل الأسماء والجمل الأخرى، ولا يمكن أن يفترض أنها مكونة من أسماء أخرى. أطلق أفلاطون على هذه الأسماء العناصر الأولية أو الأسماء الأولية. والأسماء الأولية الصائبة هي تلك التي تحاكي الأشياء على نحوٍ صحيح .. وما يقوم به المشرع هو أن يصنف الأشياء ويحدد طبائع كل فئة منها ويطبق على كل منها الحروف التي تماثلها أو تحاكيها في طبيعتها، وقد تكون المحاكاة بحرف واحد أو بعدة حروف، فبهذا نكوِّن المقاطع، ومن المقاطع نكوِّن أسماء وأفعالًا، وهكذا نصل في النهاية من مجموعات الأسماء والأفعال المؤتلفة إلى لغة واسعة ومناسبة وتامة. (المرجع السابق، ٤٧ - ٥٠)