فاعل «قام» لأن الفاعل لا يتقدم على فعله (وفقًا لمقولة المكان التي ستأتي)، وإذ لا بد للفعل من فاعل فنحن «نقدره» هنا على أنه الضمير «هو».
مقولة الكم: يقول د. تمام حسان إن النحاة «ربما عرفوا أن المدة Duration التي يستغرقها نطق صوت من الأصوات لا تتناسب طردًا ولا عكسًا مع كميته الطولية Quantity، ومع هذا أصروا على خلق وحدات طولية فكرية في دراسة الأصوات العربية، فالحرف المشدد بحرفين وإن قصرت مدته عن مدة الحرف المفرد في بعض النطق، والفتحة نصف الألف اللينة في نظرهم إذا كانت كتلك القصيرة المدة التي في آخر «مُنى» من قولنا «منى النفس»، والتفكير المنطقي هنا واضح كل الوضوح، وعلى الأخص إذا عرفنا أن بعض التجارب الآلية التي قمت بها على لهجة عدن قد برهنت إلى درجة تعزز ملاحظتي الخاصة تعزيزًا كاملًا على أن الصوت المفرد الأخير الساكن في الكلام أطول من نظيره المشدد في الوسط من جهة المدة وإن كان أقصر منه من جهة الكم.» (١)
مقولة الكيف: يتضح تطبيقها من نسبة كيفيات استعدادية لبعض الأفعال الثلاثية (مثل المقصور والأجوف والناقص) ولبعض الأسماء (المقصور، المنقوص … ) وبعض الحروف (الألف اللينة)، ومن ذلك أيضًا التقسيم إلى مفرد ومثنًّى وجمع واتصاله بفكرة الكيفيات الكمية.
مقولة الزمان: أما تطبيق مقولة الزمان على دراسة اللغة بلا تفريق بين الزمان الفلسفي والزمن النحوي فواضح في تقسيم الفعل دون نظر إلى استعمالاته، فالفعل إما ماضٍ أو مضارع أو أمر، والماضي ما دل على حدث مضى قبل زمن التكلم، والمضارع ما دل على حدث في الحال أو الاستقبال … إلخ. ويضطر النحاة بعد هذا التقسيم المنطقي أن يعتذروا كلما خذلهم الاستعمال النحوي، فهم يعتذرون عن الفعل المضارع الدال على المضي حين يقترن بلم، ويعتذرون عنه في تعبير مثل «إن تكن عادٌ قد بادت فما بادت خصالها»، وعنه في قوله تعالى:{قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ}، وعن الماضي في قوله تعالى:{وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا}، وفي قوله تعالى:{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} إلخ، كل ذلك لخلطهم في التفكير بين الزمان الفلسفي والزمن النحوي،
(١) د. تمام حسان: مناهج البحث في اللغة، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، ١٩٩٠، ص ٢٠.