ووجد على قبر- مكتوبا- قد دفنت فيه أنثى:
ألا يا موت كنت بنا حفيّا ... فجدّدت السّرور لنا بزوره
حمدت لسعيك المشكور لمّا ... كفيت مئونة وسترت عوره
فأنكحنا الصّريح بلا صداق ... وجهّزنا العروس بغير شوره «١»
وقال آخر:
ألم تر أنّ الموت أدرك من مضى ... فلم ينج منه ذو جناح ولا ظفر
فلا ملكا أبقى ولم يبق سوقة ... ولا ذا غنى أبقى ولا ظاهر الفقر
أباد على الدّهر القرون التى خلت ... وجرّعهم كأسا أمرّ من الصّبر
وأخرجهم منها كأن لم يكن بها ... لهم ما اشتهوا فيها من المال والوقر «٢»
وسلّهم ممّا حووه جميعه ... كما من عجين سلّ واحدة الشّعر
فلم يغن عنهم ما اقتنوا من متاعها ... غداة أتاهم منه قاصمة الظّهر
كأن لم يكونوا زينة الدّهر مرّة ... ولا أهلكوا الأعداء بالذّلّ والقهر
ولا فاخروا فيها زمانا لأهلها ... ولا وضعوا فخر المفاخر بالفخر
ولا أكلوا ممّا اشتهوه تنعّما ... ولا قطعوا الأوقات بالشّرب والخمر
وقال آخر:
اصبر لكلّ مصيبة وتجلّد ... واعلم بأنّ المرء غير مخلّد
أو ما ترى أنّ المصائب رحمة ... وترى المنيّة للعباد بمرصد
من لا يصب ممّن ترى بمصيبة ... هذا طريق لست فيه بأوحد
وإذا أتتك مصيبة فاصبر لها ... واذكر مصابك بالنبىّ محمّد
[وبينما كان] سيدنا حسان بن ثابت، رضى الله عنه، [جالس] «٣» وفى حجره صبّى له يطعمه الزبد والعسل إذ شرق الصبّى بهما فمات، فقال: