وإلى جانبه قبر المرأة الصالحة العابدة «حمدونة» ابنة الحسين، أخت ميمونة العابدة فى العبادة. قال الهروىّ: هى معدودة عند طائفة من الأولياء بأربعين من زهّاد الرجال.
حكى عنها ابن الطوير فى أخبار الدولة الطولونية: أنّ رجلا خرج هاربا من دين لزمه لعمّال أحمد بن طولون، وقد طولب بالمال، فأتى إلى قبر هذه السيدة رضى الله عنها، فقرأ عندها شيئا من القرآن، وبكى وتوسّل إلى الله تعالى، فأخذته سنة من النوم، فنام، فأيقظه وقع حافر دابّة أو جواد يضرب الأرض برجله، فأفاق من نومه، فرأى فارسا واقفا على رأسه، فسلّم عليه، ثم قال له: من أنت؟ وما الذي أجلسك هنا؟ فقال: هارب من رجل ظالم من عمّال الظّالم أحمد بن طولون، وقصّ عليه قصته. فقال له: قم وامض معى إلى هذا الرجل أشفع لك عنده. ثم أردفه خلفه، وسار حتى لحق بالعسكر، وكان فارقهم فى محلّ، فلمّا وصل ترجّلوا عن خيولهم إجلالا له، ونزل ذلك الرجل من خلفه، وأمره بالركوب خلف غلام، وأوصى الغلام بحفظه. فقال الرجل للغلام: من هذا؟ فقال له: أحمد بن طولون! فخاف الرجل خوفا عظيما من قوله، وظنّ أنّه مقتول لا محالة.
ثم وصل أحمد إلى قصره، فلما وصل طلب الرّجل وقد تغيّر لونه، فلمّا رآه قال له: طمئن قلبك، لا تخف، فو الله ما جاء بى عندك إلّا بركة هذه المرأة الصالحة التى كنت عند قبرها، فإنى كنت نائما فرأيتها فى منامى وهى تقول: أدرك هذا المظلوم الجالس عند قبرى!