بعد امتناع شديد- كما يذكر الإسنوى فى الطبقات- حتى قالوا له: إن لم تفعل ولّوا فلانا وفلانا- لرجلين لا يصلحان للقضاء- فرأى أن القبول واجب عليه حينئذ. وقد عزل نفسه غير مرة ثم يعاد. ويصف السيوطى بعض أحواله عندما ولى القضاء فيقول: كان القضاة يخلع عليهم الحرير، فامتنع الشيخ تقي الدين من لبس الخلعة وأمر بتغييرها إلى الصوف، فاستمرت إلى الآن- أى إلى عهد السيوطى فى القرن التاسع الهجرى- ويضيف: أنه حضر مرة عند السلطان «لاجين» فقام إليه السلطان وقبّل يده، فلم يزد تقي الدين على قوله:«أرجوها لك بين يدى الله» .
[أخلاقه وصفاته:]
وكان الشيخ تقي الدين عزيز النفس، مترفعا فى معاملة الأمراء وعلية القوم، وفى ذلك يقول الأدفوى فى «الطالع السعيد» : إن الشيخ تقي الدين رأى الأمير «الجوكندار» أتى إليه، فتحرك له تحريكة لطيفة، وسكت زمانا، ثم قام إليه وقال: لعلّ للأمير حاجة؟ وكان مرّة متكئا فحضر الكمالى «أمير حاجب» برسالة، فكشف عن وجهه فسمعها وقال له:«هذا ما يعمل» ، فوقف الحاجب زمانا ثم قال: يا سيدى، ما الجواب؟ فقال: عجب! ما سمعت الجواب؟! وغطى وجهه. ولمّا عزل نفسه ثم طلب ليولّى، قام السلطان «لاجين» له واقفا لمّا أقبل، فصار يمشى الهوينى «١» وهم يقولون له:
السلطان واقف، فيقول:«أدينى أمشى» . وجلس معه على الجوخ حتى لا يجلس