أما عن سبب ترك العز بن عبد السلام «سوريا» وحضوره إلى «مصر» ، فيقول المقريزى فى كتابه «السلوك» فى حوادث سنة ثمان وستمائة: «أذن الملك الصالح إسماعيل للفرنج فى دخول «دمشق» ، فأنكر المسلمون ذلك، ومشى أهل الدين منهم إلى العلماء فاستفتوهم، فأفتى العزّ بن عبد السلام بتحريم بيع السلاح للفرنج، وقطع من الخطبة- بالجامع الأموى بدمشق- الدعاء للصالح إسماعيل، وصار يدعو فى الخطبة بدعاء، منه:«اللهم أبرم لهذه الأمّة إبرام رشد، تعزّ فيه أولياءك، وتذلّ فيه أعداءك، ويعمل فيه بطاعتك، وينهى فيه عن معصيتك» . والناس يضجون بالدعاء.
[عزله عن الخطابة واعتقاله:]
وكان الملك الصالح إسماعيل غائبا، فكتب إليه رجاله بذلك، فورد كتابه بعزل ابن عبد السلام عن الخطابة، واعتقاله مع الشيخ أبى عمرو بن الحاجب، لأنه شارك ابن عبد السلام فى استنكاره. فلما عاد الصالح إلى دمشق أفرج عنهما، وألزم ابن عبد السلام بملازمة داره، وألّا يفتى، ولا يجتمع بأحد البتة. ولكن ابن عبد السلام استأذنه فى صلاة الجمعة، والذهاب إلى الطبيب أو المزيّن (أى:
الحلاق) إذا احتاج إليهما، وأن يعبر الحمّام، فأذن له فى ذلك.
[خروجه من دمشق:]
ويكمل السيوطى قصة خروجه من دمشق فيقول: واستطاع ابن عبد السلام والشيخ جمال الدين أبو عمرو بن الحاجب الخروج إلى الديار المصرية، فأرسل الصالح إسماعيل إلى عز الدين- وهو فى الطريق- رسولا يطلب إليه العودة إلى دمشق، فاجتمع به، وقال له: ما نريد منك شيئا إلّا أن تنكسر