بين مشهد السيدة [نفيسة]«٢» صلوات الله على جدها وأبيها، وعلى سائر أقاربها وذرّيتها، وبينها وبين وادى موسى عليه السلام تربة صغيرة بين الجدران «٣» بها قبر أبى العباس أحمد بن طولون أمير مصر. [وهو أبو العباس أحمد بن طولون التركى، أمير الشام والثغور. ولّاه المعتز بالله مصر، ثم استولى على دمشق، والشام، وأنطاكية، والثغور فى مدة شغل الموفق بن المتوكل بحرب صاحب الزنج]«٤» .
وكان أحمد عادلا، جوادا، شجاعا، متواضعا، حسن السيرة، صادق العزيمة «٥» ، يباشر الأمور بنفسه، ويعمر البلاد، ويتفقد أحوال رعاياه «٦» ، ويفحص عن أخبارهم، ويحب أهل العلم، ويدنى مجالسهم «٧» ، وكانت له مائدة يحضرها كل يوم العامّ والخاصّ، ويحضرها الأكابر والعلماء، وسائر الناس.
وكان كثير الأفضال، وافر الإنعام، وكان له فى كل يوم صدقة، وفى كل شهر ألف دينار للصّدقة، فقال له وكيله: إنى تأتينى المرأة وعليها الإزار، وفى يدها خاتم الذهب، وتطلب منى، أفأعطيها «٨» ؟ فقال له: من مدّ يده إليك فأعطه «٩» .