وكان- رحمه الله- عالما مجتهدا، ورعا، زاهدا، أصوليّا، محدّثا، حفظ القرآن الكريم عند الشهاب الهيثمى، وكان فقيه يصفه بالذكاء المفرط، والعقل التام، والسكون. وتلاه تجويدا على الزراتيتى، وحفظ القدورى، والمنار، والمفصّل للزمخشرى، وألفية النحو، وسمع الحديث عن الجمال الحنبلى، والشمس الشامى، وقرأ الهداية على الزين السكندرى، والمنطق على العز عبد السلام البغدادى، والبساطى، وعنه أخذ أصول الدين، وقرأ عليه شرح هداية الحكمة لملّا زادة، وأخذ التصوف عن الخوافى. وكذا أخذ عن همام الدين شيخ الجمالية وغيره، وأخذ الفقه عن السراج، قارئ الهداية، قرأها بتمامها عليه، ولازمه فى الأصول وغيرها، وبه انتفع «١» . وبالقاضى محب الدين ابن الشحنة أيضا.
ومن مصنفاته: شرح الهداية، فى فروع الفقه الحنفى، وسمّاه: فتح القدير للعاجز الفقير (فى ثمانى مجلدات) ، ومختصر الرسالة القدسية بأدلتها البرهانية، للغزالى، والمسايرة فى العقائد المنجية فى الآخرة، والتحرير فى أصول الفقه، وزاد الفقير، وغير ذلك من المصنفات «٢» .
وكان- رحمه الله- معظّما عند الفقهاء، والعلماء، وأعيان الدولة، والسلطان الملك الظاهر جقمق العلائى، وكان يعظمه ويسمع شفاعته. هذا وكان شديد التواضع مع الفقراء، حتى أنه جاء مرة لمجلس العلاء البخارى، وهو غاصّ بهم، فجلس فى جانب الحلقة، فقام إليه العلاء وقال له: تعال إلى جانبى فليس هذا بتواضع، فإنك تعلم أن كلّا منهم يعتقد تقدّمك وإجلالك، إنما التواضع أن تجلس تحت ابن عبيد الله فى مجلس الأشرف (برسباى) .