وقد قال بعضهم: أيّها الشّابّ، لا تغترّ بشبابك، فإنّ أكثر من يموت الشباب.. أيها الشاب، كم حمل فى التّنّور وأبوه يرعى، وكم من طفل فى التراب وجدّه يسعى.
وروى أنّ داود- عليه السلام- بينما هو يسيح فى الجبال إذ وافى غارا عظيما، فنظر، فإذا فيه رجل عظيم الخلقة من بنى آدم ملقى، وعند رأسه حجر مكتوب محفور، يقول فيه: أنا «دوسيم» الملك، ملّكت ألف عام، وفتحت ألف مدينة، وهزمت ألف جيش، وافتضضت ألف بكر من بنات الملوك، ثم صرت إلى ما ترى، فصار التراب فراشى، والحجارة وسادى، فمن رآنى فلا تغرّه الدنيا كما غرّتنى.
ولمّا مات الإسكندر قال أرسطاطاليس الحكيم «١» : أيها الملك، لقد حرّكتنا بسكونك.. وقال بعض الحكماء من أصحابه: لقد كان الملك أنطق منه اليوم، وهو اليوم أعظم منه أمس..
[ونظمه أبو العتاهية فقال:]
كفى حزنا بدفنك ثم أنّى ... نفضت تراب قبرك من يديّا
وكانت فى حياتك لى عظات ... وأنت اليوم أوعظ منك حيّا «٢»