الأرض هيبة وهزّا؟! .. هل تحسّ منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا «١» ؟! .. أفناهم- والله- مفنى الأمم، وأبادهم مبيد الرّمم، وأخرجهم من سعة القصور، وأسكنهم فى ضيق القبور، تحت الجنادل والصخور، فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم، لم ينفعهم ما جمعوا، ولا أغنى عنهم ما اكتسبوا.. أسلمهم الأحبّة والأولياء، وجهزّهم الإخوان والأصفياء، ونسيهم القرباء والبعداء، فأنسوا وأبعدوا، ولو نطقوا لأنشدوا «٢» :
مقيم بالحجون رهين رمس ... وأهلى راحلون بكل واد «٣»
كأنّى لم أكن لهم حبيبا ... ولا كانوا الأحبّة فى السّواد «٤»
فعوجوا بالسّلام فإن أبيتم ... فأوموا بالسّلام على بعاد «٥»
وإن طال المدى وصفا خليل ... سوانا فاذكروا صفو الوداد «٦»
وقيل: لا فخر فيما يزول، ولا غنى فيما لا يبقى، وهل أهل الدنيا إلّا كما قال الأول: قدر يغلى، وكنيف «٧» يمتلى؟