بغداد، فحمل إلى الخليفة، فلما دخل عليه رحّب به وسأله عن القضاء أن يعود فيه، فقال له: ثمّ «١» من هو أحقّ به منّى. فأكّد الخليفة عليه فى القبول، فقال: بشرط أن أكون على حالى فى تكسّب القوت، فأمر له الخليفة بمال جزيل، فأبى أن يقبله، وخرج من عنده ولم يقبل شيئا.
وحكى عنه أنه مرّ يوما فى بعض الشوارع ومعه جماعة من طلبته، فرأى جارية خلف باب تبكى، فقال لها القاضى: ما يبكيك؟ فقالت «٢» : إنّ لى عشرة أيام لم أستطعم بطعام. فلما سمع الشيخ كلامها رقّ لها قلبه وذهب إلى منزله، وأرسل لها طعاما وخبزا مع بعض الطلبة، ثم نام الشيخ، فرآها فى تلك الليلة وهى هابطة من السماء، فسلّمت عليه، فعرفها، فقال لها: من أين؟
فقالت له: من عند سيدى. فقال لها: ما الذي صنعت؟ فقالت: استوهبتك منه! فانتبه القاضى من نومه وصاح صيحة عظيمة، وظل يفكر «٣» فى هذه القضية، وقال: إن كان الأمر كما زعمت فهى تموت اليوم. قال الشيخ: فلما أصبحت جئت إلى بيتها فوجدتها قد ماتت- رحمة الله عليها.
*** مقابر الصدفيين «٤» :
ثم تمضى من قبره إلى قبة، وهى أول قباب الصّدفيين، بها قبر الفقيه الصالح محمد الصّيمرىّ، وبها قبر الفقيه الإمام أبو العباس أحمد بن يونس بن عبد الأعلى الصّدفى الشافعى، المصرى، الحافظ، المؤرخ، مؤرخ مصر، ولد