[حكاية من إبراهيم بن أدهم، رضى الله عنه، فيما شاهد فى نجاة صاحب الشعر الأبيض إذا مات على الإسلام]
حكى عن إبراهيم بن أدهم، رحمه الله، أنه مرّ برجل سكران وهو ملقى والخمر يطفح من فيه «١» وهو يقول: الله الله، فرفع إبراهيم طرفه إلى السماء وقال: إلهى، لسان يذكرك لا يكون هكذا.. ثم دعا بماء فغسل به فاه، وتركه ومضى.. فلما أفاق من سكره أخبر «٢» بما فعله إبراهيم بن أدهم، فخجل واستحيا، ولام نفسه ووبّخها، وقال: يا نفس، إن لم تستحى من الله ومن أوليائه، فممّن تستحين «٣» ؟! ثم لحقه الندم والأسف على ما مضى من عمره فى الذنوب وسلف.. فلما كان تلك الليلة رأى إبراهيم بن أدهم قائلا «٤» يقول: يا إبراهيم، ربك يقول لك: أنت طهّرت فاه لأجلنا، ونحن طهّرنا قلبه لأجلك!
فلما أصبح إبراهيم قال: لأمرّنّ بالرجل وأنظر حاله، وأعلمه بما رأيت، لعل الله أن يشرح صدره بقبول التوبة.. فلم يزل إبراهيم يطلبه حتى وجده فى مسجد خرب خارج المدينة، وهو معتكف فى عبادة ربه.. فقال إبراهيم:
يا أخى، اليوم كله وأنا فى طلبك.. ما حالك؟ فقال: هذا عجب منك يا إبراهيم.. تسأل عنى كيف حالى وقد أخبرك الكريم سبحانه أنه طهّر قلبى لأجلك!. ثم قال: أرنى هذا الكف الذي طهّرت فمى به.. فأخذه وقبّله، ثم رفع رأسه إلى السماء وقال: بحرمة هذا الكف، وبقدر صاحبه عندك، وبالجود الذي غمرت به عبادك، جد على عبدك الفقير بفضلك وإحسانك، وإن لم يكن يستحق ذلك..