قال الأدفوى: حكى لى شيخنا قاضى القضاة أبو عبد الله محمد بن جماعة، أنه حضر عنده أمين الحكم بالقاهرة، وكان فيه اجتهاد فى تحصيل مال الأيتام، فأحضر عندى مرة ابن دقيق العيد، وادّعى بدين عليه للأيتام، فتوسطت بينهما، وقررت معه أن تكون جامكيّة «١» المدرسة الكاملية للدّين، والمدرسة الفاضلية لكلفه، ثم قلت له: أنا أشحّ عليك بسبب الاستدانة. فقال: ما يوقعنى فى ذلك إلّا محبة الكتب «٢» .
ويقول الشيخ تاج الدين محمد الدّشناوى: حضرت عنده ليلة وهو يطلب شمعة فلم يجد معه ثمنها، فقال لأولاده: فيكم من معه درهم؟ فسكتوا، فأردت أن أقول: معى درهم، فخشيت أن ينكر علىّ، فإنه كان إذ ذاك قاضى القضاة، فكرر الكلام: فقلت: معى درهم، فقال: ما سكوتك «٣» ؟!
[كراماته:]
ويقول السيوطى فى حسن المحاضرة «٤» : وكان لابن دقيق العيد نصيب مما ينسب للصالحين من الكرامات، وما يعزى إليهم من المكاشفات، فقد حكى شهاب الدين الزبيرى المحدث قال: كنت عند الصاحب زين الدين، ووالى مصر عنده، فحضر البريدى وناول الوالى كتابا، فقال: اطلبوا المقدم، فقال له الصاحب: ما بالك؟ فقال: طلب أن يقرأ البخارى بسبب التتار، وذكر الجيش،