وافتضضت ألف بكر، وهزمت ألف عسكر، وقتلت ألف جبّار، وافتتحت ألف مدينة، فمن رآنى فلا يغتر بالدنيا، فما كانت إلّا كحلم النّائم.. فبكى عيسى عليه السلام بكاء شديدا.
ووجد مكتوبا على قصر قد باد أهله، وأقفرت ناحيته «١» :
هذى منازل أقوام عهدتهم ... يوفون بالعهد مذ كانوا وبالذّمم
تبكى عليهم ديار كان يطربها ... ترنّم المجد بين الحلم والكرم
وأنشد القاضى أبو العباس أحمد الجرجانى «٢» :
قد شاب رأسى ورأس الحرص لم يشب ... إنّ الحريص على الدنيا لفى تعب
بالله ربّك كم قصر مررت به ... قد كان يعمر باللّذّات والطّرب
طارت عقاب المنايا فى جوانبه ... فصاح من بعده بالويل والحرب «٣»
وله أيضا:
أيّها الرّافع البناء رويدا ... لن تذود المنون عنك المبانى
إنّ هذا البناء يبقى وتفنى ... كلّ شىء أبقى من الإنسان «٤»