للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى نفسه: أنا آخذ هذا عوضا عن ولدى، فأخذه وجاء به إلى منزله وهو فرحان، وقال لزوجته: إن الله تعالى قد عوّضنا هذا الغلام، فخذيه وربيه ليكون لنا ولدا. فلما نظرت إليه بكت بكاء شديدا وقالت له: هذا- والله- ولدى، وقصّت عليه القصة. فقال: الحمد لله الذي جمعه علينا.

ونشأ الشيخ من صغره منشأ حسنا، وقرأ القرآن وعمره سبع سنين، واشتغل بالقراءات السبع، والعلوم الشرعية إلى أن برع فيها، ثم تصوّف، وفتح الله عليه، فكان من أصحاب الكشف التام، وظهرت له كرامات خارقة «١» .

[كراماته:]

وكان الشيخ أبو العباس معاصرا لسيدى أبى السعود بن أبى العشائر، وكان بينهما مودّة واتصال، وكانت طريقة الشيخ أبى العباس التجريد والتقشف، والمأكل الخشن، وكان عنده فقراء فى الزاوية، أكثر أكلهم- عنده- القراقيش والليمون المالح، وكانت طريقة أبى السعود فى مأكله وأصحابه الأطعمة المفتخرة والحلوى، فوقع فى أنفسهم الذهاب إلى سيدى أبى السعود لأجل المأكل الحسن، فلما ذهبوا إلى أبى السعود قدّم لهم ليمونا مالحا وقراقيش، فقالوا فى أنفسهم:

نرجع إلى الشيخ أبى العباس ونقنع بما قسم الله لنا. فلما جاءوا إلى سيدى أبى العباس نظر إليهم بعين قلبه وقال لأحدهم: خذ هذه اللّبنة «٢» وامض إلى الصاغة وجىء بثمنها. فأخذها ومضى إلى الصاغة، فنظر إليها فإذا هى ذهب أحمر، فباعها بألف دينار، وجاء بالثمن إلى الشيخ، فقال الشيخ: كم فقيرا أنتم هاهنا؟ قالوا: عشرة. قال: فليأخذ كلّ منكم مائة دينار ويخرج عن صحبتى، لأن الفقراء لا يصحبهم من يريد الدنيا، وأنتم ملتم إليها وإلى مالها