إلى الإسلام ويتلو عليه القرآن، فأخذ النجاشى كتاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم فوضعه على عينيه، ونزل عن سريره فجلس على الأرض، ثم أسلم وحسن إسلامه، وشهد شهادة الحق وقال: لو كنت أستطيع أن آتيه لآتيته.. وكتب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بإجابته وتصديقه، وإسلامه لله ربّ العالمين على يد جعفر بن أبى طالب. وكان جعفر ممّن هاجر إلى الحبشة.. وفى الكتاب الثانى يأمره أن يزوّجه بأمّ حبيبة، بنت أبى سفيان، وكانت قد هاجرت إلى أرض الحبشة مع زوجها عبد الله بن جحش الأسدىّ، فتنصّر هناك، وأمره رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يبعث إليه من قبله من أصحابه الذين هاجروا إلى الحبشة، وأن يحملهم، ففعل، وزوّج رسول الله صلّى الله عليه وسلم أمّ حبيبة، وأصدقها أربعمائة دينار، وأمر بجهازها وما يصلحهم، وحملهم فى سفينة مع عمرو بن أميّة، وجعل كتابى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى حقّ من عاج وقال: لن تزال الحبشة بخير ما كان هذان الكتابان بين أظهرها.
فلما دخل عمرو بن أمية عند النجاشى لم نكن عنده، ولم ندر ما وقع كما ذكر، ثم خرج من عنده لمحل الضيافة كعادة الرّسل «١» ، فقلت لأصحابى:
هذا عمرو بن أمية قد خرج من عند النجاشى «٢» ، فلو دخلت على النجاشى فسألته إيّاه فأعطانيه فضربت عنقه، فإذا فعلت ذلك رأت «٣» قريش أنّى قد أجزأت عنها حين قتلت «٤» رسول محمد صلّى الله عليه وسلم.. قال: فدخلت على النجاشى فسجدت له كما كنت أصنع، فقال: مرحبا بصديقى.. أهديت «٥» لى من بلادك شيئا؟ قال: قلت: نعم أيها الملك، أهديت لك أدما كثيرا.. قال:
ثم قربته إليه، فأعجبه واشتهاه، ثم قلت له: أيها الملك، إنى قد رأيت رجلا