أرى أنك تجده يصلى، فإذا فرغ من صلاته فقل «١» له: إنّ والدى يقرئك السّلام ويسألك الدعاء، وإن هو عوفى أعادك «٢» إلى مرتبتك. فجاءه خمارويه فوجده قائما يصلى، فلما انتقل من صلاته «٣» نظر «بكار» إليه، فسلّم خمارويه عليه، وأقرأه السلام عن والده، فقال له: لعلّك جئت فى أمره.
فقال: نعم، وقال له: إنه يلتمس منك الدعاء، فإذا هو عوفى أعادك إلى مرتبتك وزادك رفعة. قال: فأخذ القاضى بكّار لحية نفسه «٤» وقال: قل له: يقول لك «بكّار» بن قتيبة: هو شيخ فإن أشرف على حفرته «٥» ، وأنت عليل مدنف «٦» أشرفت على حفرتك، والملتقى بيننا عن قريب بين يدى الله عزّ وجلّ، والحاكم هو الله الواحد القهار!
فعاد خمارويه إلى أبيه فوجده فى النزع، وتحرّس عن الكلام «٧» ، فقضى نحبه ولحق بربه، وقام بالأمر بعده ولده الأمير أبو الجيش خمارويه، فأرسل إلى القاضى «بكار» يقول له: انصرف إلى منزلك. فقال: الدّار بأجرة، وقد اعتدت بها وصلحت لى. فأقام بها، وجاءه أصحاب الدار يطلبون أجرة الدّار فيما مضى، فقال: لا أجرة علىّ. ويقال: إنه قال لهم: أنتم عفيتم داركم ونجيت بها «٨» ، وهذه أجرة الدار فى المدّة التى أقمت بها، وإذا أقمت دفعت لكم الأجرة التى تستحقّ.