أن يشفع، وألسنة الأحوال تجيب وتتكلم، فلا تنظر إلى شعث ظواهرها «١» ، فبواطنها روضات فيها أرواح الصالحين تتنعّم.. فسبحان من أوقف الملوك عندها تتشفع بها، وجعلها ملاذ الخلق بما سبق لها وتقدّم «٢» .. إذا أجدبت الأرض خرج الخلائق يستسقون بها «٣» ، فإذا السماء تتغيّم، والقطر ينزل ويتقسّم..
وتفد إليها وتقصدها الوحوش، فتعفر وجوهها فى ترابها.. فسبحان من ألهمها وعلّم.. وإذا ركن إلى جانبها «٤» عاص وهبه الحقّ لها، وجاد عليه وتكرّم «٥» .
هكذا هكذا.. وإلى تلالها «٦» أين من يتقدّم.. وغدا «٧» يركبون من قبورهم إلى قصورهم، ويكشف لكل واحد منهم الحجاب ويكلّم.. فترى هذا وقد توّج، وهذا قد زوّج، وهذا قد أدناه ربه وعليه سلّم، فقف «٨» على قبورهم بأدب وتحشّم.. وقل: يا أحياء، ترحّموا على ميّت.. يا أغنياء، جودوا على مفلس.. وابك على ضياع عمرك فى البطالة وتندّم ... وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم «٩» .
وبعد ... فهذا الكتاب «١٠» قد ذكرت فيه فضل زيارة القبور وآدابها، وذكرت فيه فضل الجبل المقطّم وأوديته، وقبور الصالحين التى فى سفحه- رضى الله عنهم- وذكرت بعض فضائلهم التى تشوّق القلوب إلى زيارتهم «١١» .