ابن أحمد بن طولون، فلما استوزره قصده الناس من كل مكان، وأنشأ الدور والقصور، وملك النّظر فى جميع الديار المصرية والشامية، حتى كان لا يخرج شىء عن يده وأمره ونهيه «١» .
وذكر ابن زولاق قال: كانت الغزاة قد خرجوا من مصر يريدون الثغر «٢» وخرج الماذرائى لوداعهم، فبينما هو قائم إذ رأى شيخا قد أقبل، عالى السّنّ، يتوكّأ على عكازه، وفى عنقه خريطة «٣» ، وهو متقلّد بسيف، فدعاه علىّ بن أحمد وقال: إلى أين يا شيخ؟ قال: إلى بلاد الروم أقاتل أعداء الله تعالى جهدى وطاقتى، وإن لحقنى أجلى على الطريق كان أجرى على الله، فإن بلغت ظفرت بالذى أريد، وإن قتلت حصلت على الشهادة. فصاح على ابن أحمد «٤» بحاجبه وقال: أحضر السّاعة بغلة وغلاما، وسيفا وعمامة، فأحضر ذلك، فقال: يا شيخ، هذا لك، وفى كل سنة مثله [إن جئت أنا وجئت أنت]«٥» . قال: فبكى الشيخ وقال: رزقك الله الشهادة- لأنها كانت أعظم ما فى قلب الشيخ- فلما كان الغد قتل على بن أحمد الماذرائى فى ذلك الموضع شهيدا، وما عرف له من قاتل، فعظم ذلك على جميع من بمصر من الصغير والكبير، ورثى بقصائد كثيرة.
ولد رحمه الله فى سنة ٢٢٦ هـ، وتوفى- رحمه الله تبارك وتعالى- شهيدا كما ذكر، فى شهر جمادى الآخرة «٦» سنة ٢٨٣ هـ.