للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودخل عليه ذات يوم رجل ومعه جام «١» زجاج صاف، فقال: أرجو أن تصفوا قلوبكم ونيّاتكم حتى تروا الأشياء قبل ورودها.

وحكى عنه، رضى الله عنه، قال: كنت يوما مع والدتى فى القرافة عند قبر والدى- رحمه الله تعالى- فقالت: يا بنىّ، سمعت صاحبى هذين القبرين يتحادثان «٢» ، ثم مشينا فجزنا «٣» على قبرين، فقالت: يا بنىّ، سمعت من قبر هاهنا وصاحبه يقول: أوّاه، أوّاه، أوّاه! فقلت: أىّ قبر تشيرين إليه؟ فقالت: يا بنىّ ما أريك إيّاه، أن يقلّدك الله هذا الأمر «٤» ، فاستر ما قدرت.

وحكى أيضا قال: دخلت ذات يوم إلى منزلنا وأنا صغير، [مقدار عمرى نحو سبع سنين] «٥» ، فرأيت فيه شيئا «٦» من الفاكهة، فجعلت أنظر إليها، فقالت لى أمّى: يا حسين، بقى للعشاء قليل، ما تسوى الدنيا كلها هذه النظرة! وقال: جئت يوما من جنازة ومعى جماعة من الناس، فصعدت إلى والدتى، وكانت فى غرفة لنا، وكانت رأتنى من الطاق «٧» والناس معى، فقالت لى: ما هذه الشهرة، تمشى والناس خلفك؟ ثم شالت طرف الحصير، وأخذت بأصابعها شيئا من التراب ثم ذرّته «٨» فى وجهى وقالت: من هذا خلقت، فلا تكبّر نفسك!