للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرّاحة إلى عياله. ثم قال: يا أبا بكر، أنت مبارك. فأخبرته بامتناع ابن جابار، فقال: نعم، هو جديد لم تجر بيننا وبينه معاملة قبل هذا الوقت، ثم قال لى:

عد إليه، واركب دابّة من دوابّ النّوبة، فلست أشك ما لقيت دابتك فى هذه الليلة من التعب، ثم امض إليه واطرق بابه، فإذا نزل إليك فإنّه سيقول لك:

ألم تكن عندنا؟ فلا تردّ عليه جوابا، ثم استفتح واقرأ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. طه* ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى * إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى * تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى * الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى * لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى

«١» .

يا بن جابار، يقولك «كافور» العبد الأسود: ومن كافور؟ ومن مولاه؟

وهل من الخلق بقى لأحد مع الله تعالى ملك أو شركة؟ تلاشى الناس كلهم، هاهنا تدرى من معطيك، وعلى من رددت، أنت ما سألت، هو أرسل إليك، يا بن جابار، ما تفرّق بين السّبب والمسبّب؟

قال أبو بكر: فركبت وسرت، وطرقت منزله، فنزل إلىّ فقال: ألم تكن السّاعة عندنا «٢» ؟ فأضربت عن الجواب، ثم قرأت «٣» «طه» إلى قوله تعالى: وَما تَحْتَ الثَّرى

، وقلت له ما قال كافور. فبكى ابن جابار وقال:

أين ما حملت؟ فأخرجت له الصّرّة فأخذها، وقال: «علّمنا الأستاذ كيف التّصوّف، قل له: أحسن الله جزاءك» . قال: ثم سلّمت عليه وعدت إلى كافور «٤» فأخبرته بذلك، فسرّ، ثم سجد شكرا لله تعالى وقال: الحمد لله الذي جعلنى سببا لإيصال الراحة إلى عباده. ثم ركب حينئذ.