معاذة تصلى أيضا إلى الفجر، فلمّا أتاه ابن أخيه قال: يا عم، أهديت إليك ابنة عمّك فقمت وتركتها؟! فقال: يا بن أخى، أدخلتنى أمس بيتا ذكّرتنى به الجنّة، وأدخلتنى بيتا ذكّرتنى به النار «١» ، فما زال فكرى فيهما حتى أصبحت.
وقالت معاذة زوجته: ما كان صلة يجيء من مسجد بيته إلى فراشه إلّا حبوا «٢» ، لا يفتر عن الصلاة.
وروى جعفر بن يزيد العبدرى «٣» عن أبيه، قال: خرجنا فى غزوة إلى «كابل» وفى الجيش صلة بن أشيم، فنزل الناس عند العتمة «٤» ، فقلت:
لأنظرنّ إلى عمله الليلة وأتحقق بما يذكر الناس [عنه من عبادته، فرأيته صلى العتمة ثم أضحى والتمس غفلة الناس]«٥» حتى إذا هدأت العيون وثب فدخل غيضة قريبة «٦» منه، فدخلت فى إثره، فتوضّأ، ثم قام يصلى، فجاء أسد فدنا منه، وصعدت أنا إلى شجرة، فما التفت ولا ارتاع من الأسد، فلما سجد قلت: الآن يفترسه الأسد، ثم جلس فسلّم، ثم التفت وقال: أيها السبع، اطلب الرزق من مكان آخر. فولّى، وإنّ له زئيرا يكاد أن يتصدع الجبل منه، وما زال كذلك يصلى إلى الصبح، فجلس «٧» وحمد الله تعالى بمحامد لم أسمع بمثلها، ثم قال:«اللهم إنى أسألك أن تجيرنى من النار، فليس مثلى «٨»