للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من رؤيته «١» ، فيجلس فى طاقة من داره وأنا أقف من تحتها حتى «٢» أتبرك برؤيته.

فجاءه الرسول وأخبره، فقال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، لا أفعل. فقال له أصحابه «٣» : وما يضرك «٤» من ذلك؟ ومن يصل إلى الخليفة؟ ولم يزالوا عليه إلى أن قال: نعم، أنا أجلس فى طاقة منزلى.

فرجع الرسول وأخبر الخليفة، فلما أصبح ركب وجاء إلى مكان الشيخ، حتى وقف تحت داره، وتطلّع «٥» فرأى الشيخ، فسلّم عليه بأصبعه، ووقف ساعة ينظر إليه، ثم سار وطلع القاهرة، فنزل الشيخ عبد الحميد وهو منكسر القلب، باكى العين، نادم على ما جرى منه. فقيل له: يا شيخ عبد الحميد، ما الذي جرى منك؟ غيرك يتمنى أقلّ غلام للخليفة «٦» يزوره ويتعرّف به، فكيف بمن يأتيه الخليفة؟ فبكى وقال: يا قوم، ما تدرون ما أصابنى، كنت أجد فى قلبى نورا عظيما ونشاطا فى طاعة الله تعالى، فو الله منذ وقع نظرى عليه زال ذلك النور، وذهب ذلك النشاط! ثم لم يزل كذلك إلى أن مات.

ولمّا حضرته الوفاة قلق قلقا عظيما «٧» فقيل له: ما هذا القلق؟ كنت ورعا، زاهدا، قائما على قدميك فى طاعة الله، والقدوم على كريم «٨» .

فقال: والله ما جزعت [من الموت] «٩» ولا أتحسّر على شىء فاتنى