ما شأن أمّ المؤمنين وشانى ... هدى المحبّ لها وضلّ الشّانى «١»
إنّى أقول مبيّنا عن فضلها ... ومترجما عن فضلها بلسانى «٢»
يا مبغضى، لا تأت قبر محمّد ... فالبيت بيتى والمكان مكانى
وكان ذلك فى زمن «٣» أمير الجيوش [شاهنشاه بن بدر الجمالى] ، فوشى إليه بذلك، فأمر بحمله مسحوبا على وجهه، فقال له بعض جلسائه:
هذا رجل ضرير البصر، ضعيف القوى، لا يستطيع النهوض مع كبر سنّه.
فقال: يحمل إلى الجيزة ولا يسكن مصر، فحمل إليها.
واتفق فى بعض الأيام أنّ أمير الجيوش ركب يوما إلى الجيزة، فدخل مسجدا فوجد فيه موسى الأندلسى الواعظ المذكور هذا جالسا «٤» فى محرابه، فصلّى ركعتين ثم التفت إليه وسأله عن حاله، فأخبره بقصته «٥» فقال له:
تقرأ شيئا من القرآن؟ قال: نعم. [قال: اقرأ. فقرأ]«٦» فأعجبته قراءته.
فبكى بكاء شديدا لحسن صوته «٧» . فقال له: أنشدنى القصيدة التى أخرجت من مصر لأجلها. فأنشده إيّاها، فأمره بتكرارها «٨» ، فأعادها، فقال له:
يا شيخ، بالله عليك لا تدع على السّلطان، فإنه ما علم بحقيقة حالك «٩» ، وأنا أحد غلمانه «١٠» ، ولا بد من ذكرك له، فطيّب قلبك، واشرح صدرك وادع