وقال إبراهيم الرقّى: قصدت أبا الخير أزوره، فصلّى المغرب ولم يقرأ الفاتحة صحيحة «١» ، فقلت فى نفسى: ضاعت سفرتى، فلمّا سلّمت خرجت إلى الطّهارة، فقصدنى السّبع، فعدت إليه وقلت: إنّ الأسد قصدنى، فخرج وصاح عليه وقال: ألم أقل لك لا تتعرض لضيفانى؟ فتنحّى السبع «٢» ، ومضيت، وتطهرت، فلما رجعت قال لى: اشتغلتم بتقويم الظّاهر فخفتم الأسد، واشتغلنا بتقويم الباطن فخافنا الأسد.
وقال بكر بن عبد الله «٣» : لم يكن لى علم بما كان سبب قطع يده، إلى أن هجمت عليه وسألته عن سبب قطع يده، فقال: يد جنت فقطعت.
فظننت أنه كانت له صبوة فى حداثته فى قطع الطريق أو غيره، ثم اجتمعت به «٤» بعد ذلك بسنين مع جماعة من الشيوخ، فتذاكروا مواهب الله تعالى لأوليائه، وأكثروا كرامات «٥» الله لهم، إلى أن ذكروا طىّ المسافات، فتبرّم الشيخ بذلك وقال: لم تقولون فلان يمشى إلى مكة فى ليلة، وفلان فى يوم؟
أنا أعرف عبد الله تعالى حبشيّا كان جالسا فى جامع طرابلس، ورأسه فى جيب مرقّعته «٦» ، فخطر له لو كان فى الحرم «٧» فأخرج رأسه من مرقعته فإذا هو بالحرم «٨» ، ثم أمسك عن الكلام. فتغامز الجماعة وأجمعوا «٩» على أنه ذلك الرجل.