وقال:«ليس بمتحقق فى الحبّ من راقب أوقاته، أو تحقّق «١» فى كتمان حبّه حتى يتهتّك «٢» فيه ويفتضح ويخلع العذار «٣» ، ولا يبالى عمّا يرد عليه من محبوبه «٤» أو بسببه، ويتلذّذ بالبلاء «٥» فى الحب كما يتلذّذ الأغيار «٦» بأسباب النعم» . ثم أنشد على إثره «٧» :
لحانى العاذلون فقلت: مهلا ... فإنّى لا أرى فى الحبّ عارا «٨»
وقالوا: قد خلعت. فقلت: لسنا ... بأوّل خالع خلع العذارا
وروى أنّه ألقى بين يدى السّبع، فكان يشمّه ولا يضرّه «٩» . وسبب ذلك أنّ «خمارويه» بن أحمد بن طولون كان قد اتّخذ له وزيرا نصرانيّا، وكان قد نصح فى خدمته، وبالغ فى جمع «١٠» الأموال وتحصيلها، فأكرمه «خمارويه» على ذلك وزاد فى إكرامه، وخلع عليه فى بعض الأيام خلعة جميلة، وحمله على فرس عظيم جميل، وأمر أرباب الدولة بتحميله والمضّى فى صحبته إلى داره، فركب بتحميل زائد، فلما مرّ على باب دار «بنان» - وكانت فى ناحية الصفا- سمع بنان الضوضاء، فقال: ما هذا؟ فأخبر بالخبر، فقام مسرعا إلى باب داره، فلما رأى النصرانىّ قال: أعوذ بالله، يحمل كافر بالله تعالى على رءوس المسلمين فى هذا الزّىّ والتعظيم؟! وتقدم إلى النصرانىّ وقال: