وحكى عنها أن امرأة جاءت إليها فقالت لها: هل لك أن تأتى معى إلى امرأة فقيرة؟ قالت: نعم. ثم إنها قامت معها وجاءت إلى بيت، فدخلت فرأت «١» فيه صبيّة كأنّها بدر، ولم يكن عليها شىء تستتر به، فلما رأتها أمّ محمد قالت للمرأة التى دعتها: ما تكون هذه منك؟ فقالت: بنتى، وإنّ بعلها خرج إلى الغزو «٢» فى أول حملها، فقال قوم: إنه قتل، وقال قوم: إنه حىّ، وقد صرنا إلى ما ترين من الفقر!
ثم إنّ الصّبيّة تمخّضت ساعة، ووضعت غلاما كأنه البدر فى تمامه، فقامت القابلة ونزعت قميصا كان عليها وقطعته نصفين ولفّت به الصّغير، ثم انصرفت، وجاءت لها بما يصلح للنساء اللاتى يضعن. وظلّت شهرا «٣» كاملا تأتيها فى كل يوم. ثم بعد الشهر جاءت أمّ الصّبيّة إلى أمّ محمد القابلة وهى فرحانة..
فقالت لها: ما بك؟ قالت: قومى معى لتقرّ عينك!
فجاءت معها إلى منزل الصّبيّة، فرأت به خيرا كثيرا، ورجلا جالسا إلى جانب الصّبيّة، فقالت: من يكون هذا الرجل؟ فقالت: هذا بعل ابنتى قد جاء من السفر ومعه هذا الخير الكثير!
فقام الرجل إلى أم محمد وقبّل رأسها، ودفع لها مائة دينار، فجعلت ترعد «٤» وقالت: معاذ الله أن أبيع آخرتى بها! ثم رمت بها إليهم وخرجت من عندهم، ولم تعد إليهم بعد.
وحكى عنها ولدها أنها قالت له فى ليلة شاتية: يا بنىّ، أضئ