ثم خدم بالإسكندرية مدّة عند قاضيها محمد بن حديد «١» . وكانت كتبه ترد غاية فى البلاغة «٢» . ولا يزال يتنقل فى الخدم الديوانية بها أيضا، فلما قام بوزارة مصر العادل بن رزّيك الملقّب برزّيك بن الصالح طلائع بن رزّيك [كتب]«٣» إلى والى الإسكندرية بتسييره إلى الباب، فلما حضر استخدمه بحضرته وبين يديه فى ديوان الجيش، فلما مات الموفق بن الخلال فى سنة ٥٦٦ هـ، وكان القاضى آن ذاك نائبا عنه فى ديوان الإنشاء، عيّنه الكامل بن شاور بن مجير، وهو والد الوزير، وسعى له عند أبيه، فأقرّه عوضا عن ابن الخلال، فلما ملك أسد الدين شير كوه احتاج إلى كاتب، فأحضره وأعجب بنفاذه وسمته ونصحته «٤» ، فاستكتبه، إلى أن ملك السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب، فاختفى قليلا لمّا قامت الفتنة بين العاضد الفاطمى والسلطان صلاح الدين، ونهبة «٥» أمواله، ثم أنه ذكر السلطان صلاح الدين وأثنى عليه عنده. قال: فدعاه واستخلصه وحسن اعتقاده فيه، فاستعان به على إزالة الدولة الفاطمية.
فلما تم للسلطان ما أراد، اتّخذ القاضى وزيرا ومشيرا، بحيث كان لا يصدر أمرا إلّا عن مشورته، ولا ينفّذ شيئا إلّا من رأيه، ولا يحكم قضية إلّا بتدبيره.
فلما مات السّلطان صلاح الدين استمرّ على ما كان عليه عند ولده الملك العزيز عثمان فى الرّفعة والمكانة، فلما مات العزيز وقام من بعده ولده الملك