اللهم لا خير إلا خير الآخرة ... فاغفر للأنصار والمهاجرة
فأجابوه
نحن الذين بايعوا محمدا ... على الجهاد ما بقينا أبدا
وعن البراء بن عازب قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل التراب يوم الخندق حتى وارى التراب شعر صدره وهو يرتجز بكلمة عبد الله بن رواحة يقول:
اللهم لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا
فانزلن سكينة علينا ... وثبت الأقدام ان لاقينا
ان الأولى قد بغوا علينا ... وإن أرادوا فتنة أبينا
يمد بها صوته. وعن أبي هريرة مرفوعا: أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد.
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
وكاد ابن أبي الصلت يسلم، وعن جندب قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة فشكت أصبعه فقال:
هل أنت إلا أصبع دميت ... وفي سبيل الله ما لقيت
قد أنكر منكر هذه الآثار كلها متمسكا بقوله تعالى:{وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} وليس في الآية ما يدفعها لأنها نزلت ردا على المشركين قولهم: {بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ} يعني: أن المنزلة التي أنزله الله تعالى إياها من نبوته وكرامته تجل عن أحوال الشعراء من المدح والهجاء والغلو وإن يقولوا ما لا يفعلون وفي كل واد يهيمون ونفي النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه الشعر في قوله: "اللهم إن فلان بن فلان هجاني وهو يعلم أني لست بشاعر فأهجوه فألعنه عدد ما هجاني"، ثم لما كان في الشعر حكما وما ذكرنا في الآثار كلها من حكم الشعر أجرى الله تعالى الحكمة على لسانه لا أنه شعر إرادة وقصدا إليه دل عليه أنه لم يأت منه إلا بما فيه حاجة من هذا الجنس وقد يتكلم الرجل بكلام موزون