أهلها بما يتميزون به عن سائر البلدان وما روى جابر بن عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أن إبراهيم حرم بيت الله وآمنه وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها لا يعضد عضاهه ولا يصاد صيدها".
يحتمل أن يكون هذا زيادة زادها رسول الله صلى الله عليه وسلم في مدينته على ما كان من إبراهيم في مكة ببركة دعائه وإجابة الله تعالى إياه فيه ولكن حكم منتهك حرمة الصيد ولاعضاه بين اللابتين غير حكم المنتهك في حرم مكة على ما روى عن سعد بن أبي وقاص أنه أخذ عبدا صاد في حرم المدينة فسلبه ثيابه فجاء مواليه إلى سعد فكلموه فقال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم هذا الحرم وقال: "من أخذ من يصيد فيه شيئا فلمن أخذه سلبه" فلم أكن لأرد عليكم طعمة أطعمينها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن إن شئتم أعطيتكم ثمنه.
والواجب في جزاء صيد مكة ما ذكر الله تعالى في كتابه ليس كذلك ووجدنا فقهاء الأمصار أجميعين مجمعين على ترك أخذ سلب منتهك حرمة الصيد والعضاه بالمدينة فعقلنا بذلك أن أجماعهم على ترك ما روى إنما كان لوقوفهم على نسخه لا يظن بهم خلاف السنة بلا خلاف لأنهم المأمونون على ما رووا وعلى ما قالوا سيما فيما أجمعوا فحاشا لله أن يتركوا ذلك إلا لما هو أولى منه وذلك مثل تركهم ما روى في مانعي الزكاة عن النبي صلى الله عليه وسلم:"إنا آخذوها منه وشطر ما له عزمة من عزمات ربنا".
وما روى في حريسة الجبل "إن فيها غرامة مثلها وجلدات نكال" وما روي فيمن وقع على جارية امرأته مستكرها لها أنها تعتق عليه ويكون عليه مثلها وإن كانت طائعة كانت له وعليه مثلها لزوجته فمن ذلك والله أعلم ما روى عن السلب فيما ذكرنا يحتمل أنه كان ثم نسخ بنسخ أشكاله التي ذكرناها.