خطاءه في اجتهاده بالفرق بين مجئ الباس من الله ومجيئه من قبل عباده وعذره على ذلك قال عليه الصلاة والسلام في القاضي:"إذا اجتهد فأخطأ أن له أجرا".
ثم فيما كان من أسامة دليل على جواز استعمال الرأي عند نزول الحوادث وردها إلى مثلها من الأحكام وإن وقع خطأ فمجتهده غير ملوم ومنه ما روى عن عبد الله بن عمر قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد ابن الوليد إلى بني حذيمة فدعاهم إلى الإسلام فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا فجعلوا يقولون: صبأنا صبأنا وجعل يقتل ويأسر ودفع إلى كل واحد منا أسيره حتى إذا كان ذات يوم أمر خالد كل رجل منا أن يقتل أسيره فقلت: لا والله لا أتقل أسيري ولا يقتل أحد من أصحابي أسيره فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم ذكرنا صنيع خالد فرفع يديه ثم قال: "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد" مرتين.
إنما لم يؤاخذ صلى الله عليه وسلم خالدا بما وجب لهم عليه بسبب قتله إياهم بعد إسلامهم لأن قولهم: صبأنا ما كان صريحا في إسلامهم لأنه قد يكون على الدخول في دين الصابئين لأنه زوال عن شيء إلى شيء وتعنيفه إذ لم يستثبت في أمرهم حتى يقف على قصدهم بقولهم: صبأنا ولذاتيبر إلى الله من عجلته ولم يأخذه لهم بما لم يعلم يقينا وجوبه عليه ومنه ما روى خالد قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وعمارا في سرية فأضفنا أهل بيت قد كانوا وحدوا فقال عمار: إن هؤلاء قد احتجزوا منا بتوحيدهم فسفهته ولم أحفل بقوله فلما رجعنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم شكاني إليه فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم لا ينتصر له مني أدبر وعيناه تدمعان فقال صلى الله عليه وسلم: "يا خالد لا تسب عمارا فإنه من يسب عمارا يسبه الله عز وجل ومن تسفه عمارا تسفهه الله تعالى" قال: قلت: والله يا رسول الله ما من ذنوبي شيء أخوف على منهن فاستغفر لي قال: فاستغفر لي النبي صلى الله عليه وسلم.
فعل خالد في أهل ذلك البيت كفعل أسامة في قتيله بعد توحيده