للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأصاب عمار حقيقة حكم الله فثيهم وأخطأه خالد فحمد في اجتهاده كأسامة ولكن عمارا أصاب الحق الحقيقي ومنه ما روى عن خالد أنه صلى الله عليه وسلم بعثه إلى ناس من خثعم فاسعصموا بالسجود فقتلهم فوداهم النبي صلى الله عليه وسلم بنصف الدية ثم قال: "أنا برئ من كل مسلم مع مشرك لا ترا" أي نارما السجود في احتماله الإسلام وغيره كقولهم: صبأنا وكان على خالد التثبت في أمرهم فقصر في ذلك ولأجله وداهم النبي صلى الله عليه وسلم بما وداهم به تطوعا منه وتفضلا وأما قوله: "لا ترا" أي نارا هما يعني لا يحل لمسلم أن يسكن بلاد المشركين فيكون معهم بقدر ما يرى كل واحد منهما نار صاحبه قال الكسائي العرب تقول داري تنظر إلى دار فلان ودورنا تتناظر وقيل المراد بذلك نار الحرب {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ} وعلى هذا نارا هما مختلفان هذه تدعوا إلى الله وهذه تدعوا إلى الشيطان فكيف يتفق أهلهما في بلاد واحدة.

ومنه ما روى عن عمر أن بن حصين قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فحمل رجل من ورائي على رجل من المشركين فلما غشيه بالرمح قال: إني مسلم فقتله ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني قد أذنبت فاستغفر لي قال: "وما ذاك؟ ", فقال قصته وقال: ظننت أنه متعوذ فقتلته قال: "أفلا شققت عن قلبه حتى يستبين لك" وقال: ليتبين لي قال: "قد قال لك بلسانه فلم تصدقه على ما في قلبه" فلم يلبث الرجل إن مات فدفن فأصبح على وجه الأرض فقلنا: عد ونبشه فأمرنا عبيدنا وموالينا فحرسوه فأصبح على وجه الأرض فقلنا: فلعلهم غفلوا فحرسنا فأصبح على وجه الأرض فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرناه فقال: "إن الأرض لتقبل من هو شر منه ولكن الله أحب أن يخبركم بعظم الذنب" ثم قال: انهوا به إلى سفح هذا الجبل فاقصدوا عليه من الحجارة ففعلنا.

فيه أن القاتل وهو الخزاعي علم حرمة قتل من قتله ولهذا قال: أذنبت فاستغفر لي وقوله: ظننت أنه متعوذ زيادة منه في الاعتذار في قتله لأن قتل المتعوذ أيسر من قتل من قاله صادقا من قلبه فلم يكن ظنه ذلك دافعا عنه عقوبة ذنبه فعاقبه الله تعالى من أجل ذلك بما عاقبه والله أعلم بحقيقة الأمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>