يفر الرجل بدينه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ففيها أن الهجرة قد انقطعت بفتح مكة وفي حديث عائشة بيان السبب ودل على ذلك أيضا ما كان من الإطلاق لصفوان بالرجوع إلى مكة لما قدم عليه بالمدينة حين قيل له قبل ذلك لا دين لمن لم يهاجر إذ لو كان الحكم على ما كان عليه لما أباح له الرجوع إلى الدار التي هاجر منها كما لم يطلق ذلك للمهاجرين إليه قبل الفتح حتى جعل لهم إذا قدموها لحجهم إقامة ثلاثة أيام بعد الصدر لا زيادة عليها وكان المهاجرون يشفقون من إدراك الموت إياهم بها ويعظمون ذلك ويخشونه كما في حديث سعد بن أبي وقاص في مرضه عام الفتح بمكة وإشفاقه أن يموت بمكة وقوله اخلف عن هجرتي قال صلى الله عليه وسلم:"إنك لن تخلف بعدي فتعمل عملا تريد به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة ولعلك إن تخلف حتى ينتفع بك أقوام ويضربك آخرون اللهم أمض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم" لكن البائس سعد بن خولة يرثى له رسول الله صلى الله عليه وسلم إن مات بمكة فلا دليل أدل على انقطاع الهجرة بعد فتح مكة من الآثار التي ذكرنا.
وروى عن ثلاثة من الصحابة ما يؤكده عن أبي سعيد الخدري قال لما نزلت {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} قرأها الرسول صلى الله عليه وسلم حتى ختمها ثم قال: "أنا وأصحابي خير لا هجرة بعد الفتح" قال فحدثت بذلك مروان وكان على المدينة فما صدقني وعنده رافع بن خديج وزيد بن ثابت فقلت أما هذين لو شاءا حدثاك ولكن زيد يخاف أن تعزله عن الصدقة ورافع يخالف أن تعزله عن عرافة قومه قال فنبذ على بدرته فلما رأيا ذلك قالا صدق ولا يخالف هذا ما روى عن جنادة إن رجلا حدثه إن رجالا من الصحابة قالوا: إن الهجرة انقطعت واختلفوا في ذلك قال فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرضت القصة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تنقطع الهجرة ما كان الجهاد".
وما روى عن عبد الله بن السعدي قال وفدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من بني سعد فقلت: يا رسول الله أخبرني عن حاجتي فقال: