للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وما حاجتك؟ " فقلت: انقطعت الهجرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنت خيرهم حاجة لا تنقطع الهجرة ما قوتل الكفار" إذ يحتمل أن يكون المراد به كفار مكة الذين يقاتلون على فتح مكة حتى فتحت بما فتح الله عز وجل عليهم به وكذلك لا يخالف ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة وحتى تطلع الشمس من مغربها" قال: ذلك ثلاث مرات لأن هذه الهجرة هجرة السوء التي يهجر بها ما كان قبلها مما قطعته التوبة ليست لامهاجرة من بلد إلى آخر يدل عليه ما روى عن صالح بن بشير بن فديك قال خرج فديك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنهم يزعمون أن من لم يهاجر هلك فقال: "يا فديك أقم الصلاة وآت الزكاة واهجر السوء وأسكن من أرض قومك حيث شئت تكن مهاجرا" فبين أن الهجرة بعد فتح مكة هي هجرة السوء وإنها لا تمنع السكنى بغير المدينة.

وفيما ذكرنا من هذا بيان لما وصفنا وقد وجدنا ما هو أدل على ما ذكرنا من هذا قول الله تعالى {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} الآية لأن السابقين من المهاجرين من هاجر من مكة وغيرها من بلاد الكفر إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة والذين اتبعوهم بإحسان هم الذين دخلوا في الإسلام بعد أن صارت مكة دار الإسلام يؤيده قوله صلى الله عليه وسلم لمجاشع لما أتاه بأخيه بعد الفتح ليبايعه على الهجرة: "لا بل نبايع على الإسلام فإنه لا هجرة بعد الفتح" ويكون من التابعين بإحسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>