ومخالفوهم احتجوا لمذهبهم بما روى أن أبا الدرداء كان ياكل المرى الذي يجعل فيه الخمر ويقول ذبحته الشمس والملح وقالوا: إنما منع رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل خمر الأيتام خلا لأنها لم تكن مالا لهم بعد ما حرمها الله تعالى كالبالغين سواء وروى عن عبيد الله بن عمر قال كنت عند رسول الله صلى الله عيه ولم في المسجد فبينما هو يحتبي حل حبوته ثم قال: "من كانت عنده من هذه الخمر شيء فليؤذني بها" فجعل الناس يأتونه فيقول أحدهم: عندي راوية ويقول الآخر: عندي زق أو ما شاء الله أن يكون عنده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجمعوا ثم آذنوني به" ففعلوا ثم آذنوه فقام وقمت معه فمشيت عن يمينه وهو متكئ على فلحقنا أبو بكر فأخذني رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلن عن يساره وجعل أبا بكر مكاني ثم لحقنا عمر بن الخطاب فأخذني وجعله عن يساره فمشى بينهما حتى إذا وقف على الخمر قال للناس: "أتعرفون هذه؟ " قالوا: نعم يا رسول الله هذه الخمر, فقال:"صدقتم" قال: "إن الله تعالى لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها وشاربها وساقيها وحاملها والمحمول إليه وبايعها ومشتريها وآكل ثمنها" ثم دعا بسكين فقال: "اشحذوها" ففعلوا ثم أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرق بها الزقاق فقال الناس: إن في هذه الزقاق منفعة قال: "أجل ولكني إنما أفعل ذلك غضبا لله عز وجل لما فيها من سخطه" فقال: عمر أنا أكفيك يا رسول الله, فقال:"لا" وبعض رواته يزيد على بعض ففيه عقوبتهم بشق زقاقهم غضبا لله إذ لم يسارعوا إلى إتلاف ما حرم الله وكان ذلك في وقت كانت العقوبات في الأموال كما تقدم في مانع الزكاة أنه يؤخذ شطر ماله وفي سارق الحريسة من الجبل عليه غرم مثليها وجليدات نكال وفي صيد المدينة من وجدتموه يصيد في شيء منها فخذوا سلبه ومذهب عمر وسعد بن أبي وقاص أن ذلك الحكم باق بعد روي عن عمر أنه كان يهريق اللبن في السوق إذا وجده مغشوشا بالماء ولم يهرق إلا خوفا من أن يغشوا به الناس فيحتمل أن يكون منع النبي صلى الله عليه وسلم من جعل الخمر خلا خوفا أن يحلوها فيؤدي إلى المفاسد يؤيده خرق الزقاق إلى